الشيخ: الظاهر أنه لا يمكن؛ لأن الإنسان محبوس بأرتال السيارات التي لا يمكن أن يتقدم ولا أن يتأخر، وربما يُحبس في نفس المكان، يعجز أن يمشي.
ولكن نقول: هذا شيء بغير اختيار الإنسان، ينوي الإنسان بقلبه أنه لو تيسر له أن يُسرع لأسرع، وإذا علم الله من نيته هذا فإنه قد يُثيبه على ما فاته من الثواب.
يقول:(وأخذ الحصاة) من أين؟
ظاهر كلام المؤلف أنه يأخذه من وادي مُحسر أو من بعده؛ لأنه قال:(فإذا بلغ محسرًا أسرع وأخذ)، فعلى هذا يأخذه بعد أن يتجاوز مُحسرًا في طريقه.
والذي يظهر لي من السنة أن الرسول عليه الصلاة والسلام أخذ الحصى من عند الجمرة؛ لأنه أمر ابن عباس أن يلقُط له الحصى وهو واقف يقول للناس: بأمثال هؤلاء فارموا، ورمى.
وأما أخذه من مزدلفة فليس بمُستحب، وإنما استحبه بعضُ المتقدمين؛ لأجل أن يبدأ بالرمي أي: رمي جمرة العقبة من حين أن يصل إلى منى؛ لأن رمي جمرة العقبة هو تحية منى، ويُفعل قبل كل شيء، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام رمى وهو على بعيره قبل أن يذهب إلى رحله ويُنزل رحله، لكنه رمى على بعيره.
والناس لا يتيسر لهم أن يقولوا لأحد منهم: القُط لنا الحصى، ويلقط لهم الحصى وهم على إبلهم، ثم يرمون، لا يتيسر؛ فلذلك استحب بعضُ المتقدمين أن يأخذ الحصى من مزدلفة، وليس هذا بسُنَّة.
ولكن عامة الخلق يظنون أنه يجب أن يكون الحصى من مُزدلفة وجوبًا، حتى إن الواحد منهم يأخذ عددًا كبيرًا، يأخذ سبعين حصاةً؛ لأن سبعين حصاةً تكون لمن تأخر؛ واحد وعشرون، وواحد وعشرون، وواحد وعشرون، كم هذه؟ ثلاث وستون، وسبع يوم العيد، هذه سبعون حصاةً. بعض الناس يأخذ زيادةً، لماذا؟
يخشى أن تسقط منه واحدة أو تضيع، أو يحتاج أحدُ إخوانه، ولذلك سمعتُ فيما سبق أن كل واحد منهم يستقرض من الآخر، إذا ضاع منه شيء قال لأخيه: أقرضني -جزاك الله خيرًا- حصاةً، ومتى يوفيها؟ يمكن في العام القادم، أو فيما بعده.