للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فإذا صلَّى الصبحَ أتى المشْعَرَ الحرامَ) والمشعر الحرام: جبلٌ صغيرٌ معروفٌ في مزدلفة، وعليه المسجدُ المبنيُّ الآن، أتاه سواءٌ كان راكبًا أمْ راجلًا، والنبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم ركبَ ناقته ووقفَ عند المشعر الحرام، وقف راكبًا (٣)، لكنه قال: «وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ» (١) (جَمْع) يعني مزدلفة، وسُمِّيت جَمْعًا لأن الناس يجتمعون فيها كلُّهم، وكانوا في الجاهلية يجتمعون فيها كلُّهم، وفي عرفة لا يجتمع أهلُ مكة، بلْ لا يجتمع قُريش مع غيرهم؛ لأنهم يَقِفون في مزدلفة، لا يخرجون إلى عرفة؛ لأنَّ عرفة من الحِلِّ، فمِنْ أجْل هذا سُمِّيت جمعًا لأنها تجمع الناس كلَّهم. يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «وَقَفْتُ هَاهُنَا، وَجَمْعٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ».

وقوله: (المشعر الحرام) وُصِفَ بالحرام لأن هناك مَشْعرًا حلالًا وهو عرفات، ففي الحجِّ مَشْعرانِ: حلالٌ وحرامٌ؛ فالمشعر الحرام: مزدلفة، والمشعر الحلال: عرفة.

ولماذا وُصِف بالحرام؟ لأنه داخل حدود الحرم.

قال: (فيرقاه) يعني: يرقى هذا المشعر، وهو جبلٌ صغيرٌ كما قُلنا (أو يَقِف عنده)؛ لقوله تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨].

(أو يَقِف عنده، ويحمد اللَّهَ ويُكبِّره) ويدعو الله عز وجل رافعًا يديه إلى أنْ يُسْفِر جِدًّا، ويكون أيضًا مستقبِلَ القِبلة.

قال المؤلف: (ويقرأ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ ... } الآيتين)، وقراءة هاتَينِ الآيتَينِ لا أعلمُ فيها سُنَّةً، لكنها مناسِبة؛ لأنَّ الإنسانَ يُذَكِّر نفسه بما أَمَر اللهُ به في كتابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>