للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: هو قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا}، أَذِّنْ بهم: أَعْلِم بهم، {يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: ٢٧].

{يَأْتُوكَ رِجَالًا} يعني: لا إناثًا؟ أيش المعنى؟

طالب: للتغليب.

الشيخ: للتغليب؟ لا، رِجَالًا يعني: على أرجلهم، ليس المعنى ضد الإناث، والدليل أنهاا على أرجلهم ما بعدها: {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: ٢٧].

وهذه قاعدة مفيدة لكم في التفسير: قد يُعْرَف معنى الكلمة بما يقابلها، ومنه قوله تعالى -وهو أخفى من الآية التي معنا-: {فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} [النساء: ٧١]، معنى (ثُبَاتٍ) متفرقين، مع أن {ثُبَاتٍ} يبعد جدًّا أن يفهمها الإنسان بهذا المعنى، لكن لما ذكر بعدها: {أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا} عُلِم أن المراد بالثُّبات المتفرقون.

إذن نقول: لبيك، أي: أنا مجيب لدعوتك مقيم عليها.

والتثنية هنا هل المقصود بها حقيقة التثنية، أي: أجبتك مرتين، أو المقصود بها مُطْلَق التكثير، الأول أو الثاني؟ الثاني؛ لأن المعنى: إجابةً بعد إجابة، وإقامةً بعد إقامة، فالمراد بها مطلَق التكثير، أي: مطلق العدد، وليس المراد مرتين فقط، ولهذا قال النحويون: إنها مُلْحَقَة بالمثنى وليست مثنًى حقيقة؛ لأنه يراد بها أيش؟ الجمع والعدد الكثير.

ولماذا جاءت بالياء الدالة على أنها منصوبة؟

قالوا: لأنها مصدرٌ لفعل محذوف وجوبًا، لا يُجْمَع بينها وبينه، والتقدير: أَلْبَبْتُ إِلْبَابَيْنِ لَكَ، أَلْبَبْتُ يعني: أقمت بالمكان، إِلْبَابَيْنِ، لكن حصل فيها حذف؛ حذف الهمزة، وصارت: لَبَابَيْنِ، بعدها حذف الهمزة، ثم قيل: نحذف أيضًا الباء الثانية، ونقول: لَبَّيْكَ، فالياء هنا علامة للإعراب، منصوبة بأيش؟ بفعل محذوف وجوبًا، فهي مفعول مطلق لفعل محذوف وجوبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>