للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن تَبِعَهُم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المؤلف فيما سبق: إن المرأة إذا حاضت قبل طواف العمرة وجب عليها أن تُحْرِم بالحج لتصير قارنة، وإنما يجب؛ لأن الحج يجب على الفور.

وقلنا: مثلُ ذلك؛ مثلها مَن تَعَرَّض لعمل يمنعه من أن يتم العمرة قبل الوقوف بعرفة، وسبق لنا أن الإنسان يُلَبِّي، ومتى يبدأ بالتلبية؟ على ثلاثة أقوال للعلماء:

الأول: دُبُرَ الصلاة.

والثاني: إذا ركب على ناقته.

والثالث: إذا علا على البيداء، أو على أدنى شَرَفٍ حوله إذا كان في غير ذي الْحُلَيْفَة.

وبَيَّنَّا أن الصحيح أنه يبدأ متى؟ إذا استوى على راحلته، إلَّا إذا صح حديث ابن عباس (١٦) -رضي الله عنهما– فهو فيصل، إذا صح فهو فيصل؛ أنه يبدأ بالتلبية عقب الصلاة.

نبدأ بالتلبية: (لبيك اللهم لبيك)، هذه التلبية عظيمة جدًّا، أطلق عليها جابر بن عبد الله التوحيد، قال رضي الله عنه: حتى إذا استوت به ناقته على البيداء أَهَلَّ بالتوحيد (٨)، والتوحيد هو الذي دعت إليه جميع الرسل: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ}.

فلننظر: (لبيك اللهم لبيك)، (لبيك) كلمة إجابة، والدليل على هذا ما ثبت في الصحيح: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ» (٢٠)، فهي كلمة إجابة، وتَحْمِلُ معنى الإقامة، الإقامة من قولهم: أَلَبَّ بالمكان، أي: أقام فيه، فهي إذن متضمِّنة للإجابة والإقامة؛ الإجابة لله، والإقامة على طاعته، ولهذا فَسَّرَهَا بعضهم بقوله: لبيك أنا مجيب لك مقيم على طاعتك، وهذا تفسير بالمعنى لا شك، وهذا هو معناه.

فإذا قال قائل: أين النداء من الله حتى يجيبه الْمُحْرِم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>