للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعندنا -عند الحنابلة- لا يصح الإحرام بالعمرة ويبقى على حجه، لكن عندهم أنه يُسَنّ أن يفسخ الحج ليجعله عمرة ويكون متمتعًا إذا لم يَسُق الْهَدْي.

والذين قالوا بالجواز قالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم أولًا بالحج كما قالت عائشة: وأَهَلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج، ثم جاءه جبريل وقال: صَلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة، أو عمرة وحجة (١٢)، فأمره أن يُدْخِل عمرة على الحج، وهذا يدل على إدخال العمرة على الحج.

والقول بأنه لا يصح إدخال الأصغر على الأكبر مجرد قياس فيه نظر؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، وقال: «إِنَّ الْعُمْرَةَ حَجٌّ أَصْغَرُ» (١٣)، فلا مانع ولا تناقض، وهذا القول كما ترون دليله قوي؛ أنه يصح إدخال العمرة على الحج.

فإذا قالوا: إنه لا يستفيد بذلك شيئًا؟ قلنا: يستفيد، بدل أن كان أتى بنسك واحد، أتى الآن بنسكين.

الإفراد، يقول الإفراد أن يُحْرِم بالحج مفرَدًا، وله صورة واحدة فقط، كالتمتع ليس له إلا صورة واحدة، ما هو؟ أن يُحْرِم بالحج مفرَدًا فيقول: لبيك حجًّا، فقط.

وأيهما أفضل، الإفراد أو القِرَان؟

إن ساق الهدي فلا شك أن القِرَان أفضل، وكذا إن لم يَسُق الهدي، القِران أفضل؛ لأنه يأتي بنُسُكين، بخلاف الإفراد.

وهل يُشْتَرَط في الإفراد أن يُحْرِم بالعمرة بعده؟ لا، ليس بشرط، إذا أتى بالحج وحده فسواءٌ اعتمر بعد ذلك أم لم يعتمر.

وما يوجد في بعض كتب المناسك أن يُحْرِم بالحج مفرَدًا، ثم يأتي بعمرة بعده، فهو بِناء على مشروعية العمرة بعد الحج، وعلى أناس لا يستطيعون أن يَصِلُوا إلى البيت، فيأتون بالعمرة بعد الحج لأداء أيش؟ لأداء الفريضة، والعمرة بعد الحج غير مشروعة، كما تقدم لنا، أو يأتي إن شاء الله تعالى.

فصار الآن القِران له ثلاث صور، التمتع صورة واحدة، الإفراد صورة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>