الشيخ: نحن قلنا: الصورة الثانية أن يُحْرِم بالعمرة ثم يُدخل الحج عليها، واستدللنا بأيش؟ بحديث عائشة؛ أنها حاضت قبل أن تصل مكة، فأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم أن تُحْرِم بالحج، وجعلها قارِنة.
الدليل الآن إنما وقع في حالٍ تشبه الضرورة؛ لأن عائشة في هذه الحال لا يمكن أن تُكَمِّل العمرة وهي حائض، صحيح؟
طالب: نعم.
الشيخ: صحيح.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن تطهر قبل الخروج إلى منى؛ لأنهم وصلوا اليوم الرابع؟
قلنا: بلى، يمكن، لكن الأمور الشرعية مبناها على الظن، على غلبة الظن، وهي عارفة نفسها أنها تأتيها الحيضة مثلًا لمدة ستة أيام، ولا تتمكن من العمرة قبل الخروج إلى الحج.
فإذن حديث عائشة في حال الضرورة، فهل نستدل به على حال السعة، ونقول: الإنسان يجوز إذا أحرم بالعمرة أن يُدْخِلَ الحج عليها ليكون قارِنًا؟
طالب:( ... ).
الشيخ: الفقهاء يقولون: يجوز، لكن في النفس من هذا شيء؛ لأننا نقول: إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام أمر مَن أَحْرَمَ بالحج ولم يَسُق الهدي أن يجعله عمرة، فكيف نجعل العمرة حجًّا؟ وهل هذا إلا خلاف ما أمر به الرسول؟ لأنك إذا جعلت العمرة حجًّا ماذا تصنع؟ ستبقى في إحرامك إلى يوم العيد، أهكذا؟
نحن قلنا: إن الدليل أخص من المدلول، كيف كان أخص؟ المدلول عام، في حال العذر وفي حال عدم العذر، الذي حكمنا به، والدليل خاص في حال الضرورة والعذر.
الصورة الثالثة، ما هي؟ أن يُحْرِم بالحج أولًا ثم يُدْخِل العمرة عليه، وهذا مُخْتَلَف فيه، فالمشهور عند الحنابلة -رحمهم الله- أن هذا لا يجوز؛ لأنه لا يصح إدخال الأصغر على الأكبر، وهذا فيمن أراد أن يكون قارِنًا، أما مَن حوَّل الحج إلى عمرة ليصير متمتعًا فهذا واضح أنه جائز، لكن هذا أحرم بالحج ثم أدخل العمرة عليه ليبقى على إحرامه إلى يوم العيد فيكون قارِنًا.