على المذهب يجب أن يغسل يديه من هذا الطيب فورًا؛ يجب أن يغسل يديه من هذا الطيب حتى يذهب ريحه فورًا، لكن الذي يظهر لي أن هذا مما يعفى عنه، فالرجل لم يبتدئ الطيب، وهذا طيبٌ مأمور به، والمشقة في غسل يده غسلًا تذهب معه الرائحة لا ترد به الشريعة، فالصواب: أنه لا حرج عليه أن يمسح حتى ولو علق الطيب بيده؛ لأنه لم يستأنف الطيب، ولم يبتدئه وهو محرم.
ثم قال المؤلف:(ويسن تجرُّدٌ من مخيط).
(تجرُّدٌ من مخيط)؛ كيف تجرد؟ (يسن تجرُّدٌ من مخيط)، والتجرد من المخيط حال الإحرام واجب؛ لأن لبس المخيط حرام على المحرم، فكيف يتفق هذا الكلام؟
المراد أنه عند الاغتسال ينزع المخيط ثم يغتسل ثم يلبس ثياب الإحرام. وتجرُّدٌ من مخيط، ويشترط في هذا التجرد ألا يستلزم كشف العورة أمام الناس، فإن استلزم ذلك كان حرامًا، ولكن ماذا يصنع؟
نقول: البس الإزار أولًا، ثم اربطه على نفسك، ثم اخلع القميص، ثم البس الرداء. يلبس الإزار أولًا وعليه القميص، ثم يخلع القميص ويلبس الرداء.
( ... )
***
قوله:(أبيضين)؛ لأنها خير الثياب، وهل يسن أن يكونا جديدين أو يشترط؟
لا يشترط، لكن كلما كانت أنظف فهو أحسن؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم لما سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنًا، قال:«إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ»(٢٠)، فكلما كان أنظف فهو أحسن.
وهذه السُّنَّة سُّنَّة لجميع الناس؛ الرجال، وإنما كانت على هذا الوجه من أجل اتفاق الناس على هذا اللباس، حتى لا يفخر أحدٌ على أحد؛ لأنه لو أطلق العنان للناس تفاخر الناس، وصار هذا يلبس ثوبًا جميلًا جدًّا، وهذا عليه ثوب رديء، واختلف الناس، ولم تظهر الوحدة الإسلامية، وصار بعض الناس إذا رأى من عليه الثوب الذي يفوق ثيابه بمدًى بعيد اشتغل قلبه، وقال: كيف هذا عليه كذا وأنا علي كذا؟ ثم ربما يذهب يستدين ليلبس مثلما يلبس غيره.