الشيخ: والباء في قوله: (بشهوة) للمصاحبة؛ يعني: مسًّا مصحوبًا بالشهوة، وبعضهم يعبِّر فيقول: مسه امرأةً لشهوة، باللام، ونجعل اللام في هذا التعبير للتعليل؛ يعني: مسًّا يحمل عليه الشهوة.
على كل حال، بشهوة أو لشهوة المعنى واحد، ولكن المؤلف اشترط أن يكون المس بشهوة، ما هو الدليل؟
أولًا: كلمة (امرأة) ليست ككلمة (أنثى)، بل المرأة: البالغة، ولكن البلوغ ليس بشرط، والمراد: المرأة التي تتعلق بها الشهوة.
والدليل على ذلك قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا}[المائدة: ٦]، قالوا:{لَامَسْتُمُ} وفي قراءة سبعية: {لَمَسْتُمُ}، واللمس والمس معناهما واحد، وعلى هذا فيكون ناقضًا للوضوء.
إذا استدللنا بالآية فليس في الآية قيد الشهوة أو لا؟ لامستم النساء بشهوة ولَّا ما فيه؟ ما فيه، فمن أين جاءت؟ قالوا: لأن الشهوة هي مظنة الحدث، فوجب حمل الآية عليه.
ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل، وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تمد رجليها بين يديه، فإذا أراد السجود غمزها، فكفت رجليها (١)، ولو كان مجرد اللمس ناقضًا لانتقض وضوء الرسول صلى الله عليه وسلم واستأنف الصلاة، فلما لم يكن ذلك علم أن مجرد المس لا ينقض الوضوء، بمجرد المس فيه مشقة عظيمة؛ إذ قلَّ أن يسلم منه أحد، لا سيما فيما لو كان الإنسان عنده أم كبيرة أو ابنة عمياء أو ما أشبه ذلك، يمسك بيدها؛ ليدلها، وما كان فيه حرج ومشقة فإنه منفي شرعًا، وهذا هو المذهب؛ أنه ينقض مس المرأة إذا كان بشهوة.