مسألة ثانية قريبة من هذا: لو كان هذا الذي أطلبه لو كان فقيرًا وأنا عليَّ زكاة ألف ريال وأطلبه ألف ريال، فقلت له: أسقطت عنك ألف ريال من زكاتي؟
طلبة: لا يجوز.
الشيخ: هذا لا يجوز، فإبراء الغريم من الزكاة لا يجوز؛ لأن الزكاة أخْذٌ وإعطاء، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]، «أَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ»(١)؛ ولأن العين أغلى وأنفس من الدَّيْن، أليس كذلك؟ العين اللي بصندوقك في مُتَّجَرِك لا شك أنها أرفع من الدَّين الذي في ذمم الناس، قد يأتي وقد لا يأتي، فإذا أسقطت الدَّيْن عن العين فهذا من باب تيمم الخبيث لينفق منه، الخبيث يعني؟
طالب: رد الدَّيْن.
الشيخ: الرديء، فلا يجوز؛ ولهذا إبراء الغريم لا يجوز، وإعطاء الغريم يجوز.
قال:(ويُسَنُّ في أقاربه الذين لا تلزمه مَؤُونتُهم)، (يسن): أي صَرْفُ الزكاة (في أقاربه الذين لا تلزمه مؤونتهم) مثل: أخيه، عمه، خاله، ابن أخيه، وما أشبه ذلك، يُسَنُّ أن يصرفها لهم، لكن متى؟ إذا كانوا من أهل الزكاة.
إذا كانوا من أهل الزكاة فإن السنة والأفضل أن تصرف زكاتك فيهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«صَدَقَتُكَ عَلَى ذِي الْقَرَابَةِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ»(٣) تجمع بين أمرين، لكن اشترط المؤلف:(ألَّا تلزمه مؤونتهم)، أي: لا يلزمه الإنفاقُ عليهم، فإن لزمه الإنفاق عليهم فلا تُجْزِئ؛ لماذا؟ لأنه يدفع عن ماله ضررًا؛ لأنه إذا أعطاهم زكاته واغتنَوْا بها سقطت عنه؟
طلبة: نفقتهم.
الشيخ: نفقتهم، فصار ببذله الزكاة مُسْقِطًا لواجبٍ عليه، والقاعدة: أنه لا يجوز أن يُسْقِط الإنسان بزكاته واجبًا عليه، ولا بكفارته أيضًا، لا يجوز أن يُسْقِط الإنسان واجبًا عليه لا في زكاته ولا في كفارته.