بل إن بعض العلماء -رحمهم الله- قال: إن العام إذا خصّص صارت دلالته على العموم ذاتَ احتمال، فأي فرد من أفراد العموم يستطيع الخصم أن يقول: يحتمل أنه غير مراد، كما خُصّص في هذه المسألة التي وقع فيها التخصيص.
لكن القول الراجح في هذه المسألة: أن العام إذا خُصِّص يبقى عامًّا إلا في المسألة التي خُصِّص فيها فقط.
انتبهوا للمسألة هذه، أولًا: إذا تعارض عامَّان أحدهما محفوظ والثاني غير محفوظ، أيهما يُقدم؟
طلبة: المحفوظ.
الشيخ: وما معنى المحفوظ؟
طلبة: الذي لم يُخصَّص.
الشيخ: الذي لم يُخصَّص؛ لأن دلالته باقية على العموم، والمخصص ضعفت دلالة بالتخصيص، هذه واحدة.
ثانيًا: هل العام إذا خُصِّص تسقط دلالته على العموم؟
في هذا خلاف بين العلماء، منهم من قال: إنها تسقط، وعلَّل بذلك بأنه لما خُصِّص بهذه المسألة كانت المسائل الأخرى محتملة؛ يعني محتملة أن تكون أيضًا خارجة بالتخصيص؛ لأن التخصيص يدل على أنه ليس بعام، ولكن القول الراجح أنه إذا خُصِّص العام بقي على عمومه فيما عدا المسألة التي خُصِّص فيها، هذا هو القوال الراجح.
أقول الآن: حديث الأمر بالصلاة عند رؤية الكسوف هل خصص؟
طلبة: لم يخصص.
الشيخ: لم يخصّص. حديث الصلاة بعد العصر مخصَّص بقول النبي عليه الصلاة والسلام:«إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا، ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ الْجَمَاعَةِ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ؛ فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ»(٤).
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر هذا لرجلين تخلَّفا عن صلاة الفجر، ولا صلاة بعد صلاة الفجر.
كذلك أيضًا مخصَّص بركعتي الطواف، فإن الإنسان إذا طاف ولو بعد العصر يُسن أن يصلي ركعتين، مخصَّص بقضاء الفريضة إذا نسيها، فمن نام عن صلاة أو نسيها، وذكرها ولو بعد العصر فإنه يصليها.