للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وإن غابت الشمس كاسفة، أو طلعت والقمر خاسِف، أو كانت آية غير الزلزلة لم يصل)، هذه مسائل عدة:

المسألة الأولى: إذا غابت الشمس كاسفة، فإنه لا يُصلى؛ وظاهر كلام المؤلف أنه لا فرق بين أن نقول بجواز صلاة الكسوف بعد العصر أو لم نقُل، وذلك لأنها لما غابت ذهب سلطانها، وكونها كاسفة أو غير كاسفة بالنسبة لنا الآن حين غابت لا يؤثر شيئًا، فلما زال سلطانها سقطت المطالبة بالصلاة لكسوفها، وهذا تعليل.

التعليل الثاني، يقولون: إنها إذا كسفت في آخر النهار فلا يُصلَّى الكسوف بناءً على أنه سُنَّة، وأن ذوات الأسباب لا تُفعل في وقت النهي، وهذا هو المذهب، المذهب أن الكسوف سُنَّة كما علمتم، وأن ذوات الأسباب لا تُفعل في وقت النهي، وبناء على ذلك نقول: حتى لو بقيت قبل الغروب وهي كاسفة فإننا لا نصلي.

ولكن الصحيح في هذه المسألة أنه يُصلَّى للكسوف بعد العصر، يعني لو كسفت الشمس بعد العصر فإننا نصلي؛ وذلك لأنها صلاة ذات سبب، وعموم قوله عليه الصلاة والسلام: «إِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَصَلُّوا» (٢)، يشمل كل وقت.

فإن قال قائل: وعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لَا صَلَاةَ بَعْدَ الْعَصْرِ» (٣)، يشمل كل صلاة، فعندنا الآن عمومان، ما هما؟

عموم النهي عن كل صلاة في زمن معين وهو العصر مثلًا، وعندنا عموم الأمر بصلاة الكسوف في كل وقت، ومثل هذا يُسمى العام والخاص من وجه، فأيهما نقدم؟ عموم النهي أو عموم الأمر؟

طلبة: عموم الأمر.

الشيخ: مشكل، إذا قلت: عموم الأمر، قال لك الثاني: بل عموم النهي؛ لأنه أحوط، لأنك تقع في معصية.

ذكر شيخ الإسلام رحمه الله قاعدة قال: إذا كان أحد العمومين مخصصًا، فإن عمومه يضعف، عرفتم؛ يعني إذا دخله التخصيص صار ضعيفًا، فيُقدَّم عليه العام الذي لم يُخصَّص؛ لأن عمومه محفوظ، وعموم الأول الذي دخله التخصيص غير محفوظ، وهذا الذي قاله صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>