رابعًا: أن عمرو بن سلمة الجرمي كان يصلي بقومه وله ست أو سبع سنين (١٦)، استنادًا إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ»؛ حيث نظروا في القوم فلم يكن أحد أقرأ منه فقدموه، ومن المعلوم أن الصبي لا فرض عليه، فالصلاة في حقه نافلة، ومع هذا أُقر، والقرآن ينزل، استنادًا إلى عموم الحديث:«يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ».
وأما الجواب عما استدلوا به من قوله صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»، فالجواب: أنهم هم أول من ينقضه، هم أول من ينقض الاستدلال بهذا الحديث؛ لأنهم يجوِّزن أن يصلي الإنسان المؤداة خلف المقضية، وهذا اختلاف، أليس كذلك؟
طلبة: بلى
الشيخ: بلى، ويجوزون أن يصلي المتنفل خلف المفترض، وهذا أيضًا اختلاف، فتبين بهذا أن الحديث لا يراد به اختلاف النية؛ ولهذا جاء التعبير النبوي بقوله:«لَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ»، ولم يقل: لا تختلفوا عنه، وبين العباراتين فرق؛ فإذا قيل: لا تختلف على فلان، صار المراد بالاختلاف المخالفة، كما يقال: لا تختلفوا على السلطان؛ أي: لا تنابذوه وتخالفوه فيما يؤمكم به.
وقد فسَّر النبي عليه الصلاة والسلام عدم المخالفة بقوله:«فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا» إلى آخر الحديث، فصار المراد بقوله:«لَا تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ» أي في؟
الطلبة:( ... )
الشيخ: في الأفعال والمخالفة؛ ولهذا لم يقل صلى الله عليه وسلم: فلا تختلفوا عليه فتنووا غير ما نوى، بل قال:«فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا» إلى آخر الحديث.
وأما قولهم: إن صلاة المأموم إذا كان مفترضًا والإمام متنفلًا أعلى من صلاة الإمام.