للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذان القولان مثلًا، أحدهما أيسر من الآخر، ونحن لا نعلم أننا إذا أخذنا به وقعنا في الإثم، فإن الأولى أننا نأخذ بالأيسر، وكوننا نقول للناس مثلًا: كل من قال: إن شاء الله فإنه لا حنث عليه، هذا بلا شك أسهل، خصوصًا العامة الآن، هل يُفرِّقون بين هذا التفصيل؟ العامة -في ظني- ما يعرفون الفرْق بين ما إذا أراد التعليق، أو أراد التوكيد والتبرك؛ فلهذا ينبغي أن تكون على الإطلاق.

وتحريم الحلال كاليمين مثاله؟

طالب: ( ... ). لو قال: حرمت على نفسي أكل الخبز.

الشيخ: زين، مثل أن يقول: حرام عليَّ أكل الخبز، أو حرام عليَّ غداك، أو حرام عليَّ عشاك، أو ما أشبه ذلك، هذا تحريم الحلال كاليمين؛ يعني حُكمه حكم اليمين؛ لقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١) قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} [التحريم: ١، ٢] فجعل الله هذا التحريم يمينًا، قال: {تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ}، واستدلوا له أيضًا بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٧ - ٨٩]، فذكر حكم اليمين بعد أن قال: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}.

فتحريم الحلال إذا كان القصد الامتناع منه حكمه حكم اليمين، أما إذا كان القصد في تحريم الحلال الحكم عليه بالحرمة، فهذا شيء آخر، يكون إما كفرًا، وإما كذبًا على حسب ما مر علينا أظنه في حكم المرتد، لكن تحريم الحلال بقصد الامتناع منه حُكمه حكم اليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>