الشيخ: جاء غد ولم يقدم زيد، هل يجب عليه كفَّارة على هذا الحالف، ولَّا ما يجب؟ فيه خلاف؛ المشهور من المذهب أنه تجب عليه الكفارة؛ لأن هذه يمين على أمر مستقبَل تبين فيه أنه على خلاف ما حلف عليه، فتجب عليه الكفارة.
والقول الثاني: أنه لا كفَّارة عليه في هذه الحال؛ لأنه إنما حلف بناءً على غالب ظنه، وليس بإنشاء هو فيه عاصٍ، والآن ما عصى ما خالف ولَّا لا؟ رجل حلف على ظنه كأنه حينما قال: واللهِ ليقدمن زيد غدًا، ما هو معناه أنه بيدي أن أخليه يجي غصبًا فأبغي أجيبه، وإنما هو بناء على ظنه، فهو خبر وليس إنشاء، وأنا الآن حلفت على ما في ضميري، وحتى لو لم يقدم زيد غدًا فأنا على ظني، أنا أقول: أنا الآن حلفت أمس على ظني أنه سيقدم، وأنا صادق فيما أقول، فليس فيه حنث.
نعم، لو قلت: والله ليأتينك زيد، وزيد مثلًا أجير عندي، أو مملوك لي أبغي أجيبه لك، ثم لا آتي به فحينئذٍ لا شك أني أحنث؛ لأن هذا إنشاء وليس خبرًا، وها هو شيخ الإسلام يرى أنه لا يحنث في مسألة الخبر، وقوله هو
الصواب؛
لأن تعليله قوي جدًّا، وهو أن هذا الرجل إنما حلف على ما يغلب على ظنه، وهو لا يزال يقول كذلك، حتى لو جاء غد ولم يأتِ زيد، فهو يقول: أنا إلى الآن وأنا حين يميني أمس معتقدًا أنه سيقدم، فكونه يتخلف ليس من فعلي، ولهذا حلف الرجل الذي جامع زوجته في نهار رمضان قال: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني، مع العلم بأن هذا بناءً على ظنه؛ إذ هو لم يُفتِّش البيوت بيتًا بيتًا حتى يتبين.
فالحاصل أن هذه المسألة يا جماعة على أمر مستقبل ويش يخرج به؟ يخرج به الماضي، فالماضي ما فيه كفارة بكل حال، لكن هل هو آثم أو غير آثم؟ وهل هي من اليمين الغموس أو ليست من اليمين الغموس؟ قلنا: إذا حلف على ماضٍ يعلم أن الأمر كما حلف، أو يغلب على ظنه أن الأمر كما حلف فهو جائز، وليس بآثم.