للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فنقول: إذا رأى ولي الأمر أن يحرقهم ورأى أن هذا أنكى فله ذلك، وإمامه في هذا من؟ أبو بكر الصديق رضي الله عنه، والتعذيب بالنار الذي نهى عنه الرسول عليه الصلاة والسلام أن يكون لمجرد التعذيب، وأما العقوبة التي تقتضيها هذا فإنها جائزة؛ ولهذا لم يوبخ الله النبي الذي أحرق قرى النمل على الإحراق، وإنما وبخه على أنه زاد؛ لأن الله قال له: «فَهَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً» (٢٢)؛ لأنه أحرق كل قرى النمل، قرصته نملة واحدة فأحرق الجميع، فقال الله له: «هَلَّا نَمْلَةً وَاحِدَةً» بأن أحرقت نملة واحدة، فهل هذا دليل على أنه يجوز إذا جُعل الإحراق عقوبة أن يحرق؟ وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ماذا فعل بالغلاة فيه؟ أحرقهم بالنار، واعتراض ابن عباس عليه ثم رجوعه إلى رأي ابن عباس قد يكون إنه رضي الله عنه لم يتأنَ ويتأمل ولَّا هو رجع (٢٣)؛ لأنه قال: ما أسقط ابن أم الفضل على الهنات (٢٤).

فالحاصل أن القول الصحيح في هذه المسألة أنه يجب قتل اللوطي متى كان بالغًا عاقلًا، وطبعًا عالمًا بالتحريم؛ لأن هذه الشروط لا بد منها.

قال: (من آدمي حي) لا بد أن يكون الزنا من آدمي حي، طيب فيه آدمي غير حي؟ إي نعم، ميت؛ ولهذا قيل: وقيل: أو ميت، المذهب لو زنى بامرأة ميتة ما يقام عليه الحد، ليش؟ قال: لأن هذا ما يحصل فيه اشتباه الأنساب؛ لأنه ما هو ممكن تحمل، وأيضًا ما هناك داعٍ للنفوس إليه، ما أحد -نسأل الله العافية- تدعوه نفسه إلى يطأ امرأة ميتة.

طالب: المفروض يصدر عقاب أكثر.

الشيخ: إي نعم؛ ولهذا ذهب الإمام أحمد رحمه الله إلى قول آخر غير المشهور من المذهب إلى أنه يُقام عليه حدان؛ يُحَد مرتين، قال: لأن الجناية هنا أعظم وأقبح من الجناية على الحي؛ لأن الحي في الحقيقة قد يكون معه اختيار يدافع، أو أن هذه مسكينة ما عندها ما تدافع به.

<<  <  ج: ص:  >  >>