للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: لا؛ لأن العذرة تكرهها النفس، ففي النفس رادع عنها، فيقولون -بالقياس الغبي لا الجلي- يقولون: إن هذا أيضًا -التلوط بالذكر- في النفس رادع عنه، فيكتفى بالرادع النفسي الطبيعي عن الرادع التأديبي، ولا يعزر، ولا يقال له شيء، وهذا لا شك أن هذا القول من أسخف الأقوال؛ لأننا لو أخذنا به فأصبح الناس كلهم من قوم لوط ما نقول لهم شيئًا، مع أن لوطًا عليه الصلاة والسلام أنكر عليهم غاية الإنكار وقال: {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٨٠]، {أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ} [النمل: ٥٤]، {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُون} [الشعراء: ١٦٥، ١٦٦].

والقول الرابع في هذه المسألة -وهو الصحيح الذي أجمع عليه الصحابة- أنه يُقْتل بكل حال حتى وإن لم يكن محصنًا؛ الفاعل والمفعول به إلا أن يكون مكرهًا يقتلان جميعًا إذا كانا بالغين عاقلين، سواء كانا حرين أو رقيقين، متزوجين أو غير متزوجين، الحد هو القتل بكل حال، وذكره شيخ الإسلام وغيره إجماع الصحابة رضي الله عنهم، لكنهم اختلفوا كيف يُقتل؟

فقال بعض العلماء: إنه يحرَّق بالنار، وقد روي تحريقهم عن أبي بكر (٢٠) وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وعبد الله بن الزبير، وأظن عبد الملك بن هشام أو هشام بن عبد الملك (٢١)، كلهم روي عنهم تحريقهم، وهذا وجه لقتلهم.

الوجه الثاني يقولون: يُلْقَى من أعلى شاهق في البلد ويتبع الحجارة، وهذا رأي ابن عباس رضي الله عنه.

والقول الثالث: أنهم يرجمون رجمًا بالحجارة.

وهذان القولان يرميان إلى كيفية العقوبة التي أهلك الله بها قوم لوط، هل إن الله سبحانه وتعالى رفع قراهم ثم قلبها وأتبعها بالحجارة -كما هو مشهور- أو أن الله تعالى رماها بالحجارة حتى تهدمت فكان عاليها سافلها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>