فيقول الآن قال:(فإن عضل الأقرب زَوَّج الأبعد)(عضل) بمعنى منع، إذا منع الأقرب من تزويج موليته؛ قال: لا أزوجها، انتقلت الولاية إلى غيره، إلا أن يكون هناك سبب شرعي اقتضى أن يمتنع، فإن كان هناك سبب شرعي فإنه لا يزوِّج الأبعدُ.
مثال ذلك: خطب المرأة رجل معروف بنقص الدين، والمجتمع كله أو غالبه أحسن منه، وإنما قلت: المجتمع كله أو غالبه لئلا يرد علينا أنه لو كان مستوى المجتمع بهذا المثابة؛ أي مستواه على مستوى الخاطب، فهنا نقول: يزوج، ما دام لم يكفر؛ يعني لو افترضنا أن عامة المجتمع يشرب الدخان، أو عامة المجتمع يحلق اللحية، هل نرد هذا ونحن لا ندري متى يأتينا واحد بالألف غير حالق لحيته وغير شارب للدخان؟ الجواب: لا نمنعه؛ لقول الله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وكما أننا إذا لم نجد حاكمًا إلا فاسقًا فإننا نولي الأمثل فالأمثل من الفاسقين، كذلك هذا، لكن لو كان هذا الرجل يأتي بمعصية نادرة في المجتمع، ثم إن الأقرب قال: لا أزوج هذا الرجل، هذا يشرب الخمر، هذا يمارس المخدرات، وما أشبه ذلك، فله الحق، وليس لأحد أن يزوج إذا رفض الأقرب، فإن رفض وقال: أنا أرفض هذا الخاطب؛ لأنه بينه وبينه سوء تفاهم فيما سبق، ولا يمكن أزوجه بنتي أو أختي أو عمتي، ماذا نقول؟ هذا عاضل ولَّا غير عاضل؟
طلبة: عاضل.
الشيخ: هذا عاضل، تنتقل الولاية إلى آخر؛ لأنه عضل بغير حق.
عندي بالشرح قَيَّد المسألة بتقييد غريب قال: بأن منعها كفئًا رضيته ورغب بما صح مهرًا، (كفئًا) إن أراد بدينه فنعم، وإن أراد بحسبه فلا. كذلك قوله: ورغب بما صلح مهرًا، رغب الخاطب ودفع مهرًا يصح، نقول: نعم؛ لأنه إذا لم يدفع مهرًا يصح؟ فإن هذا الزواج يكون زواج هبة، والهبة لا تكون إلا للرسول صلى الله عليه وسلم.