فإذا قال المودَع عنده: أنا حفظتها في حرز مثلها، كل الناس يجعلون الكتب في الشناط، وربما جعلوها في الرفوف بارزة. نقول: لكن صاحب الكتاب عَيَّنَ، لماذا لم تقل له: لا، حينما قال: ضعه في الصندوق التجوري؟ لماذا لم تقل: لا؟ أما أن تأخذها على أنك ستضعها فيما عيَّن، ثم تُحرِزها بما دونه فعليك الضمان.
(وبمثله) فلا ضمان، (أو أحرز) فلا ضمان.
مثل أن يقول له: خذ هذا الكتاب اجعله في هذا الصندوق، ويُعَيِّن، فأخذه وجعله في صندوق مثله، فهنا لا ضمان، إلا أن يتميز الصندوق الذي عينه بزيادة حرز، بكونه داخل البيت مثلًا أو نحو ذلك فهنا يضمن، إذا عينه فأحرزها بأقوى؟
طلبة: فلا ضمان.
الشيخ: فلا ضمان، مثل أن يقول: احفظها في هذا الصندوق، والصندوق صغير يمكن للسراق أن يحملوه، فأحرزها في صندوق أكبر، هل يضمن أو لا؟
طلبة: لا؟
الشيخ: لا يضمن؛ لأنه أحرزُ.
رجل عنده صناديق ستة مثلًا، وقال له: احرزها في آخر ما يكون. فأحرزها في أول ما يكون، يضمن أو لا يضمن؟
طلبة: لا يضمن.
طلبة آخرون: يضمن.
الشيخ: ما شاء الله، هي ستة من الباب إلى نهاية الحجرة، قال: احفظها في هذا؛ آخرها. فأحرزها في الأول، يضمن أو لا يضمن؟
طلبة: يضمن.
طالب: فيه التفصيل.
الشيخ: الظاهر إن اللي قال: فيه التفصيل، ذكي، فراسة فقط؛ لأنه لما رآني توقفت قال: لعل فيها تفصيلًا. نشوف الآن: أيهما أحرز: آخر واحد ولَّا أول واحد؟
طلبة: آخر واحد.
الشيخ: آخر واحد قد يكون أحرز؛ لأنه أبعد من أن يأخذ السارق الصندوق أو يكسره ويمشي على طول، وقد لا يكون أحرز؛ لأن السارق سيقع في نفسه أن الأبعد هو اللي فيه المال المهم، فهنا أحدهما أحرز من الآخر من وجه، فأيهما نُغَلِّب؟
الظاهر أن مثل هذه الحال يقال: إنه أحرزه بمثله؛ لأن كل واحد من الأعلى والأول أحرز من الآخر من وجه، فإن لم يكن كذلك فالقاضي عنده الأمر، يُرفع الأمر إلى القاضي ويحكم بما يراه صوابًا.