كذلك أيضًا:(حَلَّ وِكَاءً) يعني: دهن أو عسل في وعاء، فَحَلَّ هذا الوعاء، فاندفق الدهن أو العسل، فعليه الضمان؛ علِّلْ. لأنه متسبب.
وظاهر كلام المؤلف أنه ضامن ولو كان حين حلَّ الوكاء جامدًا ثم أذابته الشمس، أو كان حين حل الوكاء واقفًا ثم حرفته الريح فعليه الضمان؛ لأنه متسبب.
(أو رباطًا) يعني: وجد حيوانًا مربوطًا؛ فحل رباطه فذهب، فعليه الضمان.
وهذا الذي ذكره المؤلف -رحمه الله- أمثلة، ما هي قواعد، لكن القاعدة أن كل من أتلف شيئًا بسببٍ فعليه الضمان.
وما هذا الذي ذكره المؤلف رحمه الله إلا أمثلة أو صُوَر فذهب ما فيه فعليه الضمان.
ثم قال المؤلف:(أو أتلف شيئًا ونحوه) زيادة على هذا؛ لو فُرِض أن هذه الشاة التي فُتِحَ الباب لها خرجت وأكلت زرع إنسان، فعلى مَنْ فَتَحَ الباب ضمان الشاة، وضمان ما أتلف من الزرع، وكذلك لو أن الطائر اصطدم بشيء وتلف هذا الشيء فعلى من فتح قفصه الضمان، وكذلك لو أن الدهن اندفق على شيء فأفسده فعليه ضمان الدهن وضمان ما أفسده، المهم أنه يضمن الشيء وما ترتب عليه.
ثم قال المؤلف:(وإن رَبَطَ دابةً بطريق ضيِّق فعَثَر به إنسانٌ ضمن).
في وقت المؤلف لا توجد السيارات، وفي وقتنا لا توجد الدواب لكن الشيء يقاس بالشيء، إذا ربط دابة بطريق ضيق فعثر بها إنسان انكسر هلك فعليه الضمان؛ لأنه متعدٍّ في ربطها في هذا المكان الضيق.
وعُلِم من كلام المؤلف: أنه لو ربطها بطريق واسع فلا ضمان عليه، وهذا متجه إذا لم يربطها في طريق المارة، فإن ربطها في طريق المارة فهو كما لو ربطها في طريق ضيق، يعني: عليه الضمان.
فإن قال قائل: الطريق الواسع -وإن كان مطرق الناس في وسطه مثلًا- يستطيع الإنسان أن ينحرف يمينًا أو شمالًا.
قلنا: لنسأل هل هذا الرجل الذي ربط الدابة في الطريق الواسع -في مطرق الناس- هل هو معتدٍ أو غير معتدٍ؟