نقول: نعم؛ لأنها أُخِذَت بحق، أما لو جاءتك وهي مسروقة تعرف أنها سرقت فهنا لا يجوز أن تشتريها، لكن إذا صودرت عقوبة فقد أُخِذَت بحق؛ لأن لولي الأمر أن يعاقب من خالفَ ما يجب عليه بما يرى أنه أردع وأنفع، ولولا هذا لكانت الأمور فوضى، وصار كل إنسان يعمل على ما يريد، وهذا لا يمكن، ولذلك نرى أن الأنظمة التي ليس فيها مخالفة للشريعة وإنما هي اجتهادية أنه يجب اتباعها امتثالًا لقول الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] ولو لم نفعل وقلنا: لا يجب أن يطاع ولي الأمر إلا فيما أمر الله به، لقلنا: الجواب على هذا من وجهين:
الأول: أن طاعته في غير معصية أيش؟ مما أمر الله به.
الثاني؛ إذا قلنا: إنه لا يطاع إلا إذا أمر بالصلاة والزكاة والصيام والحج وبر الوالدين، قلنا: هذا أمر لا فائدة منه؛ لأن هذه الأشياء قد أُمر بها من قِبَلِ الشرع، ويكون الأمر بطاعة ولي الأمر عبثًا؛ لأن طاعته في هذه الأشياء داخلة في قوله:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ولهذا يغلط غلطًا عظيمًا من ظن أن أوامر ولاة الأمور لا يجب تنفيذها إلا إذا كان مأمورًا بها شرعًا لأننا نقول الجواب عنه من وجهين:
الوجه الأول: أن طاعتهم في غير المعصية مأمور بها شرعًا، وإن لم يكن في هذا الشيء بعينه.
والثاني: أننا لو قلنا بذلك لكان قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ} عديم الفائدة؛ لأننا إذا قلنا: لا يطاعون إلا فيما أمر الله به ورسوله لم يكن لأمرهم فائدة إطلاقًا.