للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أجمعين (١)، لحديث نافع عن ابن عمر، مرفوعًا: "إنما الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غُمّ عليكم، فأقدروا له" قال نافع: كان عبد اللَّه بن عمر، إذا مضى من الشهر تسعة وعشرون يومًا، يبعث من ينظر له الهلال، فإن رؤي فذاك، وإن لم يُرَ، ولم يحل دون منظره سحاب، ولا قتر، أصبح مفطرًا، وإن حال دون منظره سحاب، أو قتر، أصبح صائمًا (٢).

ومعنى: "اقدروا له" (٣) ضيقوا، لقوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} (٤)، {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ} (٥) والتضيق: جعل شعبان تسعة وعشرين يومًا، وقد فسره ابن عمر بفعله، وهو راويه، وأعلم بمعناه، فوجب الرجوع إليه، ويجزئ صوم هذا اليوم إن ظهر منه، لأن صومه وقع بنية رمضان، لمستند شرعي، أشبه الصوم للرؤية.

وتثبت أحكام صوم من صلاة تراويح، ووجوب كفارة بوطء فيه، ووجوب إمساك على من أكل فيه جاهلًا، أو لم يبيت النية ما لم يتحقق أنه من شعبان، ولا تثبت بقية الأحكام الشهرية بالغيم، فلا يحل دين مؤجل به، ولا يقع طلاق وعتق معلقين به، ولا تنقضي عدة، ونحو ذلك، عملًا بالأصل.

(وإن رؤي) الهلال (نهارًا) ولو قبل الزوال في أول رمضان، أو غيره، أو في آخره (فهو لـ) ليلة (المقبلة) نصًا (٦)، لأنها ليلة رؤي الهلال في يومها،


(١) جمع هذه الآثار ابن الجوزي في "درء اللوم والضيم في صوم يوم الغيم" (ص ٥٢ إلى ٥٦).
(٢) مسلم، في الصيام (٢/ ٤٥٩) المسند منه فقط. وأخرجه أبو داود بتمامه، في الصوم، باب الشهر يكون تسعًا وعشرين (٢/ ٧٤٠).
(٣) "القاموس" (ص ٥٩١).
(٤) سورة الطلاق، الآية: ٧.
(٥) سورة سبأ، الآية: ١١.
(٦) "الشرح الكبير مع الإنصاف" (٧/ ٣٣٤).