ثم إذا تم آمر المحبوسين نظر في أمر أيتام ومجانين ووقوف ووصايا لا ولي لهم ولا ناظر؛ لأن هذه أموال يتعلق بها حفظها وصرفها في وجوهها فلا يجوز إهمالها، ولا نظر له مع الولي أو الناظر الخاص لكن له الاعتراض إن فعل ما لا يسوغ، فلو نفذ القاضي الأول وصية موسى إليه أمضاها الثاني؛ لأن الظاهر أن الأول لم ينفذها إلَّا بعد معرفة أهليته.
ويحرم أن ينقض من حكم قاض صالح للقضاء شيئًا لئلا يؤدي إلى نقض الحكم بمثله غير ما خالف نص كتاب اللَّه تعالى أو سنة متواترة أو آحاد كالحكم بقتل مسلم بكافر، وكالحكم بجعل من وجد عين ماله عند من حجر عليه بفلس أسوة الغرماء فينقض؛ لأنه لم يصادف شرطه، إذ شرط الاجتهاد عدم النص، لخبر معاذ بن جبل (١)، ولأنه مفرط بترك الكتاب والسنة، أو خالف إجماعًا قطعيًّا فينقض؛ لأن المجمع عليه
(١) وفيه: أنَّ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: "كيف تقضي إذا عرض لك قضاءٌ؟ قال: أقضي بكتاب اللَّه، قال: فإن لم تجد في كتاب اللَّه؟ قال: فبسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال: فإن لم تجد في سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ولا في كتاب اللَّه؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلُوْ". أخرجه أبو داود، باب اجتهاد الرأي في القضاء، كتاب الأقضية برقم (٣٥٩٢ - ٣٥٩٣) سنن أبي داود ٣/ ٣٠٣، والترمذي، باب ما جاء في القاضي كيف يقضي، كتاب الأحكام برقم (١٣٢٧) الجامع الصحيح ٣/ ٦١٦، وأحمد برقم (٢١٥٠٢) المسند ٦/ ٣٠٣، والدارمي في المقدمة، باب الفتيا وما فيه من الشدة برقم (١٦٨) سنن الدارمي ١/ ٧٢، والبيهقي، باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي. . .، كتاب آداب القاضي، السنن الكبرى ١٠/ ١١٤. والحديث =