للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾.

ويرى الشيخ محمد الأمين الشنقيطي أن هناك مانعاً من رجوع الاستثناء إلى قوله ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾، فقال: "لما قدمنا من أن قوله ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي بالسبي خاصَّة مع الكفر، وأن المعنى: ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ أي: وحرمت عليكم المتزوجات من النساء، لأن المتزوجة لا تحل لغير زوجها، إلا ما ملكت أيمانكم بالسبي مع الكفر، فإن السبي يرفع حكم الزوجية عن المسببية، وتحل لسابيها بعد الاستبراء … وإذا كان ملك اليمين في قوله ﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ في السبي خاصَّة - كما هو مذهب الجمهور - كان ذلك مانعاً من رجوعه إلى قوله ﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾ لأن محل النزاع في ملك اليمين مطلقاً " (١)

وكونه خاصاً بالمسبيات يؤيده سبب نزول الآية، وهو ما روي عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله يوم حنين بعث جيشاً إلى أوطاس فلقي عدواً، فقاتلوهم، فظهروا عليهم، فأصابوا لهم سبايا، فكأن ناساً من أصحاب رسول الله تحرَّجوا من غشيانهن من أجل أزواجهنَّ من المشركين، فأنزل عليه في ذلك (٢): ﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾، أي فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن (٣).


(١) أضواء البيان للشنقيطي (٥/ ٥٢٢).
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الرضاع، باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء، وإن كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي، برقم (١٤٥٦). وانظر: أسباب النزول للواحدي (١٤١ - ١٤٢).
(٣) انظر: تيسير البيان للموزعي (٢/ ٣٣٢ - ٣٣٣).

<<  <   >  >>