للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول ابن عبد البر: " وهذا دليل واضح على ذلك، وفيه تفسير الآية، وهو أولى ما قيل في تفسيرها" (١).

ثمَّ ذكر المولى سبحانه حلِّية ما وراء هؤلاء المحرَّمات بقوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾ النساء: ٢٤ (٢). ثمَّ قال : ﴿فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ [النساء: ٢٤]، وقيل: إنها نزلت في نكاح المتعة، ويؤيده القراءة الشاذة (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن) (٣)، ثمَّ اختلف القائلون بأنها نزلت في نكاح المتعة في الناسخ لها بعد الاتفاق على نسخ حكم المتعة، وثبوت حرمتها بالسنة (٤). وجمهور المفسرين على كون الآية محكمة (٥)، ولا علاقة لها بالمتعة، وتأويلها بمعنى: ما استمتعتم به منهن، فآتوهن أجورهن، أي مهورهن فريضة (٦).

وسباق الآية وسياقها يمنع حملها على المتعة، وذلك لأن سياق الآية بيان المحرمات، وكان آخر المحرمات المتزوجات من النساء إلا ما ملكت اليمين،


(١) التمهيد لابن عبد البر (٣/ ١٤٤)، وانظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ١١٧).
(٢) يقول ابن العربي في أحكام القرآن (١/ ٣٨٤): " هذا عموم متفق عليه ممن نفاه، وممن أثبته".
(٣) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٨٩)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ١٢٥)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١٤٤)، وتيسير البيان للموزعي (٢/ ٣٤٢).
(٤) لقوله : «ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة، ومن كان أعطى شيئا فلا يأخذه» وفي رواية ما يفيد أن إباحتها بالسنة، لقوله : «أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرم ذالك إلى القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيله، ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا».
(٥) ونقل القرطبي نسخها عن سائر العلماء والفقهاء من الصحابة والتابعي. انظر: الجامع لأحكام القرآن (٥/ ١٢٨).
(٦) انظر: تفسير الطبري (٥/ ١٣)، تيسير البيان للموزعي (٢/ ٣٤٤).

<<  <   >  >>