للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهل مازنى بها الابن تدخل في التحريم على الآباء؟ بمعنى هل حرمة المصاهرة تثبت بالزنا؟.

دلت الآية بإشارتها إلى عدم دخولها في التحريم؛ لأن القرآن أتى بلفظ الحلائل، وهو جمع حليلة، "ومن زنى بها الابن لا تسمى حليلة لغة، ولا شرعاً ولا عرفاً" (١)، ومن أدخلها فهو باعتبار اشتقاق الحلية، من الحَل، أو من الحلول (٢).

قوله: ﴿الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ جمع مضاف، يقول الجصاص: "فيتناول عند الجميع تحريم حليلة ولد الولد على الجد، وهذا يدل على أن ولد الولد يطلق عليه أنه من صلب الجد، لأن اطلاق الآية قد اقتضاها عند الجميع، وفيه دلالة على أن ولد الولد منسوب إلى الجد بولادة" (٣)

وهو قيد دل بمفهوم صفته على أن زوجة الابن من التبني لا تحرم. وهذا المفهوم صرح القرآن به في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا﴾ [الأحزاب: ٣٧] وقوله: ﴿وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤] وقوله: ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ [الأحزاب: ٤٠]. (٤)


(١) إعلام الموقعين لابن القيم (٥/ ١٩٢).
(٢) يقال للمرأة حليلة وللرجل حليل، وسميا بذلك من الحَل؛ لأن كل واحد منهما يحل إزاره للآخر. وقيل: من الحلول، أي النزول؛ لأن كل واحد منهما يحل مع الآخر، وقيل: من الحِل؛ لأن كل منهما حلال للآخر. انظر: معاني القرآن للنحاس (٢/ ٥٤)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ١٠٩).
(٣) أحكام القرآن للجصاص (٣/ ٧٣).
(٤) انظر: تيسير البيان للموزعي (٢/ ٣٢٩)، وأضواء البيان للشنقيطي (١/ ٢٤٩).

<<  <   >  >>