للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله تعالى: ﴿وَبَنَاتُكُمْ﴾ جمع مضاف فيعم كل أنثى انتسبت إليك بالولادة (١)، كابنة الصلب، وبنات البنين والبنات وإن نزلت درجتهن، وارثات أو غير وارثات (٢).

وعلى كلا القولين فإن البنات داخلات في التحريم بلا خلاف، وإنما الخلاف واقع في تحريم البنت إن كانت من الزنا (٣).

فذهب فريق من العلماء إلى أنها داخلة في عموم الآية، لأنها أنثى مخلوقة من مائه، وهذه حقيقة كونها ابنته، ولا تختلف هذه الحقيقة بالحل والحرمة، وقاسوها على المخلوقة من وطء الشبهة.

وذهب فريق آخر إلى عدم حرمة نكاح الرجل ابنته من الزنا، لعدم دخولها في الآية، بحجة أنها لا تسمى بنتا شرعاً، بدليل أن نسبها لا يثبت في الوارثين، ولا تستحق النفقة، فليست داخلة في قوله: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ﴾ [النساء: ١١]، ولا في قوله تعالى: ﴿وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٣٣]، وإذا لم تكن داخلة في عموم الآية المحرمة، فهي داخلة في قوله: ﴿وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ﴾ [النساء: ٢٤]


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٧٢)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ١٠٣ - ١٠٤)
(٢) يرى الدكتور أمير عبد العزيز في كتابه الأنكحة الفاسدة (١/ ١٢٩) إن تحريم بنات البنات، وبنات الأبناء وإن نزلن ثبت بدلالة النص - مفهوم الموافقة الأولوي - لأنهن أقرب من بنات الأخ، وبنات الأخت اللواتي ورد تحريهن بالإجماع.
(٣) ذهب أبوحنيفة وأحمد والمشهور من مذهب مالك: أنها تحرم. ومذهب الشافعي عدم الحرمة، وهي رواية عن مالك. انظر: المبسوط للسرخسي (٤/ ٢٠٦)، والشرح الكبيرللدردير مع حاشية الدسوقي (٢/ ٢٥٠)، والمغني لابن قدامة (٧/ ١١٩).

<<  <   >  >>