للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمجاز عاماً فتعلقه بالآية في التحريم ظاهر، لكنه قول ضعيف، ومن لم ير ذلك فوجه تعلقه بالتحريم الإجماع. " (١) وسيأتي بيان هذا عند تفصيل المحرمات.

وقوله: ﴿أُمَّهَاتُكُمْ﴾ جمع مضاف يعم كل أم شرعاً، وهي: كل أنثى لها عليك ولادة، أو انتهى نسبك إليها بالولادة، سواء وقع عليها اسم الأم حقيقة وهي التي كانت فيها الولادة المباشرة، أو مجازاً وهي التي منها الولادة بواسطة وإن علت، فيدخل فيه أم الأب، وأم الأم، وجدتي الأب، وجدتي الأم وإن علون، وارثات كنّ أو غير وارثات، كلهن محرمات (٢).

وهذا على قول من يرى أن اللفظ العام يشمل الحقيقة والمجاز، أو أن اللفظ العام يجوز أن يقصد به كلا الحقيقة والمجاز في مكانين مختلفين (٣).

أما القائلون بأن اللفظ الواحد لا يقصد به الحقيقة والمجاز فإن تحريم الجدات -الأمهات مجازاً- إنما كان عندهم بدليل الإجماع.

وقد يتبادر إلى الذهن أن الجمع المضاف يعم، فما وجه العموم في الآية إذا حملت على الأم حقيقة؟

قلت: لعل هذا داخل تحت قاعدة مقابلة الجمع بالجمع، فبيَّن الشارع حكم نكاح كل رجل لأمه (٤).


(١) أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١٢٤ - ١٢٥).
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٧٢)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ١٠٣).
(٣) يقول الرازي في المحصول (١/ ٣٤٣): " المسألة الثانية: في أن اللفظ الواحد هل يكون حقيقة ومجازاً؟ أما بالنسبة إلى معنيين فلاشك في جوازه ".
(٤) يقول الزركشي في البحر المحيط (٣/ ١٤٥): " اختلفوا في مقابلة الجمع بالجمع، كقوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ فقيل: إن آحاده تقابل آحاده. وقيل: بل الجمعُ لجمع، فعلى الأول يكون الظاهر موجباً تحريم كل من يقع عليه اسم الأمومة على كل واحد. والثاني يوجب تحريم كل أم على ابنها، ويطلب في تحريمه على غيره دليل يختص به .. ".

<<  <   >  >>