للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾ [النور: ٣٢].

﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ نصت الآيات على تحريم نكاح النساء المذكورات، وهو نص صريح لا إجمال فيه.

قال ابن الفرس: " .... ومن لاحن العرب ومارس اللغة واطَّلع على عرف أهلها علم أنه لا يستراب في أن من قال: حرمت عليك الدار إنما يريد الدخول فيها خاصة، أو الطعام إنما يريد الأكل خاصة، أو النساء إنما يريد الجماع، وهذا صريح عندهم مقطوع به، فكيف يكون مجملا " (١).

وسبب الخلاف يرجع إلى إضافة التحريم لأعيان النساء، والتحريم المضاف إلى الأعيان يكون المراد منه تحريم ما يتعلق بالأعيان من أفعال، لأن الأعيان ليست مورداً للتحليل والتحريم، وإنما يتعلق الحل والحرمة بأفعال المكلفين (٢).

فقال قوم: إن الفعل في هذه الآية لا يدري ما هو؟ هل النظر أو المضاجعة، أو الوطء، فلا يُدرى أي ذلك حرِّم، ولولا تبيينها بغيرها لما عُلم المرد منه، فهي إذاً مجملة. وذهب جمهور أهل العلم إلى أن المحرم هو نكاحهن، لدلالة العرف كما سبق.

ونقل ابن الفرس عن قوم قولهم: "إن الآية من قبيل المحذوف، كقوله: ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢]، ثم قال: " وهذا إن أراد أنه مجاز فيلزم أن تسمى الأسماء العرفية مجازا .... فأما على قول من يرى اللفظ الشامل للحقيقة


(١) أحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١٢٤).
(٢) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٧١)، وأحكام القرآن لابن الفرس (٢/ ١٢٣).

<<  <   >  >>