للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأمثلة لهذا تكثر" (١).

• المثال الثاني: استدراك نقلي من الكتاب والإجماع:

قال ابن السبكي في مسألة (تقليد المجتهد غيره فيما لم يجتهد فيه): " ... وهو أن يبلغ المجتهد رتبة الاجتهاد، فإن كان قد اجتهد في المسألة، ووضح في ظنه وجه الصواب؛ لم يقلد غيره بلا ريب. وإن لم يكن قد اجتهد فيها؛ فهي مسألة الكتاب (٢)، وقد اختلفوا فيها على مذاهب ... واستدل المصنف على أن المجتهد لا يجوز له التقليد مطلقًا؛ بأنه مأمور بالاعتبار في قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: ٢]، فإذا تركه يكون تاركًا للمأمور به فيعصي ...

قوله: (قيل: معارض) أي: عارض الخصم الاستدلال على منع التقليد للمجتهد بأوجه:

الأول: قوله تعالى: {فَسْ‍ئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]، والعالم قبل أن يجتهد لا يعلم، فوجب تجويز الاجتهاد له.

والثاني: قوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: ٥٩]، والعلماء هم أولو الأمر؛ لأن أمورهم تنفذ على الأمراء والولاة.

والثالث: إجماع الصحابة. روى أحمد عن سفيان بن وكيع بن الجراح (٣) قال: حدثنا قَبِيصَة (٤)، قال: حدثنا أبو بكر بن


(١) أصول السرخسي (١/ ٢٥٥).
(٢) أي منهاج الوصول للبيضاوي.
(٣) هو: أبو محمد، سفيان بن وكيع بن الجراح بن مليح، الحافط ابن الحافظ، محدث الكوفة، كان من أوعية العلم على لين لحقه بسبب وراق سوء يلقنه من حديث موقوف فيرفعه، أو مرسل فيوصله، أو يبدل رجلاً برجل، (ت: ٢٤٧ هـ). تُنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (١٢/ ١٥٢ - ١٥٣)؛ ميزان الاعتدال (٣/ ٢٤٩ - ٢٥٠)؛ تهذيب التهذيب (٤/ ١٠٩).
(٤) هو: أبو عامر، قَبِيصَة بن عقبة بن محمد بن سفيان بن عقبة بن ربيعة بن جنيدب بن رئاب بن حبيب بن سواءة بن عامر بن صعصعة السوائي الكوفي، لقي صغار التابعين فروى عنهم، وجالس الثوري وهو ابن ست عشرة سنة لمدة ثلاث سنين فكان كثير الحديث عنه، وروى عنه البخاري أربعة وأربعين حديثًا، (ت: ٢٢٥ هـ) في خلافة المأمون.
ينظر ترجمته في: التعديل والتجريح (٣/ ١٠٦٧)؛ الطبقات الكبرى (٦/ ٤٠٣)؛ تذكرة الحفاظ (١/ ٣٧٣ - ٣٧٥).

<<  <   >  >>