للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• تنبيه:

الاستدراك النقلي يمكن أن يجمع أنواعًا من الاستدراكات، فيستدرك باستدراك نقلي من الكتاب، وكذلك من السنة؛ مثاله:

قال السرخسي في فصل الاحتجاج بمفهوم المخالفة: "وقد عمل قوم في النصوص بوجوه هي فاسدة عندنا؛ فمنها: ما قال بعضهم: إن التنصيص على الشيء باسم العلم يوجب التخصيص وقطع الشركة بين المنصوص وغيره من جنسه في الحكم؛ لأنه لو لم يوجب ذلك لم يظهر للتخصيص فائدة. وحاشا أن يكون شيء من كلام صاحب الشرع غير مفيد، وأيد هذا قوله - صلى الله عليه وسلم -: «المَاءُ من المَاءِ» (١)، فالأنصار فهموا التخصيص من ذلك؛ حتى استدلوا به على نفي وجوب الاغتسال بالإكسال (٢) وهم كانوا أهل اللسان.

وهذا فاسد عندنا بالكتاب والسنة؛ فإن الله تعالى قال: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ} [التوبة: ٣٦]، ولا يدل ذلك على إباحة الظلم في غير الأشهر الحرم، وقال تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (٢٣) إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: ٢٣]، ثم لا يدل ذلك على تخصيص الاستثناء بالغد دون غيره من الأوقات في المستقبل.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يبُولَنَّ أحدكم في المَاءِ الدّائِمِ، ولا يَغَتسِلنَّ فيه من الجنَابةِ» (٣)، ثم لا يدل ذلك على التخصيص بالجنابة دون غيرها من أسباب الاغتسال.


(١) يُنظر: صحيح مسلم، ك: الحيض، ب: إنما الماء من الماء، (١/ ٢٦٩/ح: ٣٤٣).
(٢) الإكسال: هو أن يجامع الرجل ثم يدركه فتور فلا ينزل، يقال: أكسل الرجل يكسل إكسالا: إذا أصابه ذلك، وأصله من الكسل، يقال: كسل الرجل: إذا فتر، وأكسل: صار في الكسل أو دخل في الكسل.
يُنظر: غريب الحديث لابن قتيبة (١/ ٣١٥)؛ غريب الحديث لابن الجوزي (٢/ ٢٩٠)؛ النهاية في غريب الأثر (٤/ ١٧٤).
(٣) أخرجه البيهقي بهذا اللفظ، يُنظر: سنن البيهقي الكبرى (١/ ٢٣٨)؛ وأصل الحديث في البخاري، ك: الوضوء، ب: البول في الماء الدائم، (١/ ٩٤/ح: ٢٣٦)؛ صحيح مسلم، ك: الطهارة، ب: النهي عن البول في الماء الراكد، (١/ ٢٣٥/ح: ٢٨٢).

<<  <   >  >>