للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المثال الثالث: من استدراكات الجويني على الحدود:

قال الجويني في حد البيان: "اختلفت عبارات الخائضين في هذا الفن في معنى البيان؛ فذهب بعض من يُنتسب إلى الأصوليين إلى أن البيان: إخراج الشيء من حيز الإشكال إلى حيز التَّجَلِّي والوضوح. (١)

وهذه العبارة وإن كانت مُحوَّمة على المقصود فليست مُرضية؛ فإنها مشتملة على ألفاظ مستعارة؛ كالحيز والتجلي، وذوو البصائر لا يودعون مقاصد الحدود إلا في عبارات هي قوالب لها تُبَلِّغُ الغرض من غير قُصورٍ ولا ازدياد، يفهمها المبتدئون، ويُحسنها المنتهون" (٢).

فاستدراكه على هذا الحد كان لفوات الشرط الرابع: أن يكون التعريف خاليًا من الألفاظ المجازية

والجويني في مبحث (حقيقة القياس) استعرض عددًا من الحدود المذكورة في القياس فقال: "فإن من الناس من قال: هو حمل شيء على شيء. ومنهم من قال: هو حمل الشيء على شبيهه. ومنهم من قال: هو حمل الفرع على أصله" (٣).

ثم استدرك عليها إجمالاً بقوله: "وكل هذه العبارات مدخولة في شرط الحدود؛ فإن من شرطها: أن تكون جامعة لأقسام لا يشذُّ عنها شيء منها" (٤).

فاستدراكه على هذه الحدود كان لفوات الشرط الثاني، وهو: أن يكون التعريف جامعًا لكل أفراد المعرَّف.


(١) وهذا حد أبي بكر الصيرفي. يُنظر: العدة (١/ ١٠٥)؛ القواطع (٢/ ٥٥). ورحم الله الإمام الجويني فقد كان شديد العبارة في بعض المواطن.
(٢) البرهان (١/ ١٥٩).
(٣) التلخيص (٣/ ١٤٥).
(٤) المرجع السابق.

<<  <   >  >>