للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المثال الأول:

قال الجصاص في (باب القول في الوجوه التي يعلم بها النسخ): "قال أبو بكر: وأما طرق الاستدلال على الحكم الناسخ منهما من جهة الأصول فعلى وجوه كثيرة يتعذر وصف جميعها؛ ولكنا نذكر منها جملاً يعتبر بها نظائرها، وتدل على أمثالها، فنقول - وبالله التوفيق-: إن مما يجب اعتباره في حكم الخبرين المتضادين إذا لم يعلم تاريخهما وجاز على أحدهما أن يكون منسوخًا بالآخر: أن ما كان من ذلك مباح الأصل ثم ورد فيه خبران أحدهما يوجب الإباحة، والآخر الحظر؛ فحكم الحظر أولى، ويصير خبر الحظر رافعًا للإباحة" (١).

ثم ذكر إلزامًا من الخصم للحنفية بقوله: "فإن قال قائل: يلزمك على هذا الأصل أن تقضي بخبر إيجاب الوضوء من مس الذكر (٢) على الخبر النافي له (٣)؛


(١) الفصول في الأصول (٢/ ٢٩٦).
(٢) المراد به خبر بُسْرَة ابنَةِ صَفوَانَ: «من مس ذكره فليتوضأ». يُنظر: سنن أبي داود، ك: الطهارة، ب: الوضوء من مس الذكر، (١/ ٤٦/ح: ١٨١)؛ سنن الترمذي، ك: أبواب الطهارة، ب: الوضوء من مس الذكر، (١/ ١٢٦/ح: ٨٢)؛ سنن النسائي المجتبى، ك: الطهارة، ب: الوضوء من مس الذكر، (١/ ٢١٦/ح: ٤٤٧)؛ صحيح ابن حبان، ك: الطهارة، ب: نواقض الوضوء، (٣/ ٤٠٠/ح: ١١١٦)؛ المستدرك على الصحيحين، ك: الطهارة، (١/ ٢٣١/ح: ٤٧٤ - ٤٧٥)؛ قال الترمذي عنه: (هذا حديث حسن صحِيح). يُنظر: سنن الترمذي (١/ ١٢٧). وقال الألباني: صحيح. يُنظر: إرواء الغليل (١/ ١٥٠). ويُنظر طرق تخريجه في: نصب الراية (١/ ٥٤ - ٥٥).
(٣) المراد به خبر قيس بن طلق بن علي عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة فقال: «هل هو إلا بضعة منك؟ ! ». أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٤/ ٢٢ - ٢٣/ح: ١٦٣٢٩، ١٦٣٣٨)؛ سنن أبي داود، ك: الطهارة، ب: الرخصة في ذلك، (١/ ٤٦/ح: ١٨٢)؛ سنن ابن ماجة، ك: الطهارة وسننها، ب: الرخصة في ذلك، (١/ ١٦٣/ح: ٤٨٣)؛ سنن الترمذي، ك: أبواب الطهارة، ب: ما جاء في ترك الوضوء من مسِّ الذكر، (١/ ١٣١ - ١٣٢/ح: ٨٥)؛ صحيح ابن حبان، ذكر البيان بأن حكم المتعمد والناسي في هذا سواء، (٣/ ٤٠٣/ح: ١١٢٠)؛ سنن النسائي (المجتبى)، ك: الطهارة، ب: ترك الوضوء من ذلك، (١/ ١٠١/ح: ١٦٥). وقال الترمذي عنه: (وهذا الْحديث أحسن شيء روي في هذا البابِ). سنن الترمذي (١/ ١٣٢).

<<  <   >  >>