للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

كان جامعاً عالماً رفيعاً فقيهاً ثقة مأموناً عابداً ناسكاً كثير العلم فصيحاً. قال العجلي: ثقة صالح صاحب سنة. ذكر ابن حبان: أنه رأى مائة وعشرين صحابياً.

ومناقبه وفضائله كثيرة جداً لكنه قد أخذت عليه أمور:

أولها: كثرة الإرسال والتدليس: فقد أرسل عن أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، ورأى أم سلمة رضي الله عنها ولم يسمع منها، وذكر العلماء ممن لم يسمع منهم أبا موسى الأشعري، وابن عباس، وجابراً، وأبا سعيد، وأبا هريرة على الصحيح، والنعمان بن بشير، وعقبة بن عامر، والضحاك بن سفيان، وأسامة بن زيد وكثيرين. وكان الحسن يتأول فربما قال: حدثنا ابن عباس، وفُسَّر بأنه أراد حَدّث قومه أهل البصرة، وكذا قوله خطبنا، وهذا يسمى تدليس الصيغ، وقيل لأبي حاتم: يقول أهل البصرة إنه سمع من سبعين بدرياً، فأنكره أبو حاتم، وقال قتادة: ما حدثنا الحسن عن بدري مشافهة. وقد اختلف في سماعه من علي رضي الله عنه، فقد قال يونس بن عبيد له: إنك تقول: " قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم"وإنك لم تدركه، قال: يا ابن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك، إني في زمان كما ترى ـ وكان في عمل الحجاج ـ كل شيء سمعتني أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عن علي بن أبي طالب، غير أني في زمان لا أستطيع أن أذكر علياً. لكن أبازرعة ذكر أنه لم يسمع من علي بل رآه رؤية هو وعثمان، وخرج علي إلى الكوفة والبصرة، ولم يلقه الحسن بعد ذلك، بل قال علي بن المديني: لم ير علياً إلا أنه كان بالمدينة وهو غلام، وقال: سمع عثمان يخطب. كما اختلف في سماعه من ابن عمر فأثبته أحمد، وابن المديني. واختلف في سماعه من سمرة، وقد روى عنه نسخة كبيرة وللعلماء في ذلك أقوال:

١ ـ أن كلها سماع وهو رأي ابن المديني، والبخاري.

٢ ـ أنه لم يسمع منه إنما هي كتاب وهذا لايقتضي الانقطاع وهو رأي بهز بن أسد، ويحيى القطان، وشعبة، وأحمد، وابن حبان.

٣ ـ أنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة، واختاره ابن معين، والنسائي، والبيهقي.

وقد اثنى بعض العلماء على مراسيله: فقال ابن المديني: مرسلات الحسن إذا رواها عنه الثقات صحاح ما أقل ما يسقط منها. وقال يحيى القطان: ما قال الحسن في حديثه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وجدنا له أصلاً إلا حديثا أو حديثين. وقال أبو زرعة: كل شيء يقول قال رسول الله

صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلاً ثابتاً ما خلا أربعة أحاديث. وقال ابن معين: مرسلاته ليس بها بأس.

وضعف مراسيله آخرون: وذكره ابن سيرين ممن يصدق من حدثه. وقال ابن سعد: كان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه فهو حجة، وما أرسل فليس بحجة. وقال الدارقطني: مراسيله فيها ضعف. وقال الذهبي: مراسيله ليست بذاك، وقال ابن حجر: كان يرسل عن كل أحد.

أما التدليس: فقد وصفه به النسائي، وابن حبان وغيرهما. قال الذهبي: قال قائل: إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن عن فلان وإن كان ممن قد ثبت لقيه إياه؛ لأنه معروف بالتدليس، ويدلس عن الضعفاء. وذكره ابن حجر في المرتبة الثانية فيمن احتمل تدليسه.

وثانيها: القول بالقدر: واختلف في ذلك: فقد روى معمر عن قتادة عن الحسن قوله: الخير بقدر والشر ليس بقدر، فناظره أيوب حتى قال: لا أعود، وقال أيوب: لايستطيع أحد أن يعيبه إلا به، وقال: أدركت الحسن والله ما يقوله. وأثبتوا ذلك بأمور منها: قول حميد قرأت القرآن على الحسن ففسره على إثبات القدر. وقال هشام بن عروة: كذبوا عليه إنما تغفلوه بكلمة فقالوا عليها، ومنها ما روى ابن عون قول الحسن: من كذب بالقدر فقد كفر، وقال ابن عون: انهم يكذبون على الحسن كثيراً. وقال أيوب: كذب على الحسن ضربان من الناس: قوم القدر رأيهم فينحلونه الحسن؛ لينفقوه في الناس، وقوم في صدورهم شنآن من بغض الحسن فيقولون: أليس يقول كذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>