ذكرنا:«الإسلام يعلو ولا يعلى»، وإنما هذا حديث آخر، لم يخرجه أبو داود ولا غيره من الستة، وأنما روي عن غير معاذ (١)، اللهم إلا ما أشرت إليه آنفًا من أن بعض الضعفاء رواه عن شعبة في هذا الحديث، فكان المصنف اختلط عليه الأمر، فجعل الحديثين حديثًا واحدًا، ثم عزاه لأبي داود، ولا أصل لذلك عنده. بل إن الحديث الذي رواه أبو داود بدون الزيادة ليخالف سياقه سياق المصنف في بعض الأحرف، كقوله:«فورثه ابنًا له» وهذا لا يوجد عند أبي داود، فمن أين جاء به المصنف؟ ! وهل هذا يشهد لقوله في المقدمة أنه انتقاها من الكتب الستة؟ !
الحديث الحادي عشر:(ص ٣٢)
«عن سراقة بن مالك بن جعشم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فقال: خيركم المدافع عن عشيرته ما لم يأثم. أخرجه أبو داود».
قلت: إسناده ضعيف، وممن ضعفه أبو داود نفسه، فقال عقبه «أيوب بن سويد (يعني الذي في إسناده) ضعيف».
الحديث الثاني عشر:(ص ٣٢)
«عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما العصبية؟ قال: أن تعين قومك على الظلم. أخرجه أبو داود».
قلت: هو عنده (٥١١٩) عقب الحديث السابق من طريق سلمة بن بشر الدمشقي عن بنت واثلة بن الأسقع أنها سمعت أباها يقول: فذكره.
وهذا إسناد مجهول، سلمة بن بشر وابنة واثلة واسمها جميلة ويقال خصيلة»، لم يوثقهما من يوثق بتوثيقه، ولذلك قال الحافظ فيهما:"مقبول"، يعني عند
(١) وهو عائذ ابن عمرو، وقد خرجت حديثه في "الإرواء" (١٢٥٥) محسنًا.