للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَقَالُوا: ذَهَبَ أَهلُ الدُّثُورِ بِالدَّرَجَاتِ العُلَى وَالنَّعِيمِ المُقِيمِ. فَقَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالُوا: يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، وَيَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، وَيَتَصَدَّقُونَ وَلا نَتَصَدَّقُ، وَيُعتِقُونَ وَلا نُعتِقُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: أَفَلا أُعَلِّمُكُم شَيئًا تُدرِكُونَ بِهِ مَن سَبَقَكُم، وَتَسبِقُونَ بِهِ مَن بَعدَكُم، فَلا يَكُونُ أَحَدٌ أَفضَلَ مِنكُم إِلا مَن صَنَعَ مِثلَ مَا صَنَعتُم؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: تُسَبِّحُونَ وَتُكَبِّرُونَ وَتَحمَدُونَ في دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ ثَلاثًا وَثَلاثِينَ مَرَّةً. قَالَ أَبُو صَالِحٍ: تُمَّ رَجَعَ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالُوا: سَمِعَ إِخوَانُنَا أَهلُ الأَموَالِ بِمَا فَعَلنَا، فَفَعَلُوا مِثلَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ذَلِكَ فَضلُ اللَّهِ يُؤتِهِ مَن يَشَاءُ.

رواه البخاري (٨٤٣)، ومسلم (٥٩٥) (١٤٢)، وأبو داود (١٥٠٤).

ــ

وقول المهاجرين: ذهب أهل الدثور بالأجور. واحد الدثور: دَثرٌ، وهو المال الكثير، ومنه الحديث الآخر: وابعث راعيها في الدَّثرِ (١). وكذلك الدِّبرُ بكسر الدال، وبالباء بواحدة. قال ابن السكيت: الدّبرُ: المال الكثير. ووقع في السيرة في خبر النجاشي: دَبرٌ من ذهب، بفتح الدال، قال ابن هشام: ويقال: دبر. قال: وهو الجبل بلغة الحبشة (٢). قال الهروي: يقال: مال دثر، ومالان دثر، وأموال دثر، وحكى أبو عمر المطرز: إن الدثر بالثاء تثنى وتجمع.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. استدل به من يفضل الغنى على الفقر، وهي مسألة اختلف الناس فيها على خمسة أقوال: فمن قائل بتفضيل الغنى، ومن قائل بتفضيل الفقر، ومن قائل بتفضيل الكفاف، ومن قائل رابع: يَرُدُّ هذا التفضيل إلى اعتبار أحوال الناس في ذلك، ومن قائل خامس: توقف، ولم


(١) ذكره ابن عبد البر في أسد الغابة (٣/ ٩٦).
(٢) سيرة ابن هشام (١/ ٢٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>