وفي رواية: إلا تبسم في وجهي، وَلَقَد شَكَوتُ إِلَيهِ أَنِّي لَا أَثبُتُ عَلَى الخَيلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدرِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ ثَبِّتهُ، وَاجعَلهُ هَادِيًا مَهدِيًّا.
رواه البخاري (٤٣٥٦)، ومسلم (٢٤٧٥) (١٣٤ و ١٣٥).
ــ
رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حين أقبل وافدًا: يطلع عليكم خير ذي يمن، كأن على وجهه مسحة مَلك، فطلع جرير (١). وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يقول فيه: جرير بن عبد الله يوسف هذه الأمة، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه (٢).
أسلم قبل موت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأربعين يومًا، نزل جرير الكوفة بعد موت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ واتخذ بها دارًا، ثم تحوَّل إلى قرقيسيا ومات بها سنة أربع وخمسين، وقيل: سنة إحدى وخمسين، وقيل: مات بالسَّراة في ولاية الضحَّاك بن قيس على الكوفة لمعاوية. روى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مائة حديث، أخرج له في الصحيحين خمسة عشر حديثًا.
و(قوله: ما حجبني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منذ أسلمت) يعني أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما كان يحتجب منه، بل بنفس ما يعلم النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ باستئذانه ترك كل ما يكون فيه وأذن له (٣) مبادرًا لذلك مبالغة في إكرامه، ولا يفهم من هذا أن جريرًا كان يدخل على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيته من غير إذن، فإنَّ ذلك لا يصحُّ لحرمة بيت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولما يُفضي ذلك إليه من الاطلاع على ما لا يجوز من عورات البيوت.
و(قوله: ولا رآني إلا ضحك في وجهي)، هذا منه ـ صلى الله عليه وسلم ـ فرح به وبشاشة للقائه وإعجابٌ برؤيته، فإنَّه كان من كملة الرجال خَلقًا وخُلُقًا.
و(قوله: وكنت لا أثبت على الخيل) يعني أنه كان يسقط أو يخاف
(١) رواه أحمد (٤/ ٣٦٠ - ٣٦٤)، والحميدي في مسنده (٨٠٠).
(٢) رواه الحاكم (٤/ ٢٩١ - ٢٩٢).
(٣) أي: بمجرد ما يعلم - صلى الله عليه وسلم - استئذان جرير، يترك كلَّ شيء، ويأذن له فورًا، ويستقبله.