للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الَّذِي استَنقَذتُ مِن القَومِ، وَإِذَا هُوَ يَشوِي لِرَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- مِن كَبِدِهَا وَسَنَامِهَا قَالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! خَلِّنِي فَأَنتَخِبُ مِن القَومِ مِائَةَ رَجُلٍ فَأَتَّبِعُ القَومَ، فَلَا يَبقَى مِنهُم مُخبِرٌ إِلَّا قَتَلتُهُ. قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولَ اللَّهِ، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- حَتَّى بَدَت نَوَاجِذُهُ فِي ضَوءِ النَّارِ، فَقَالَ: يَا سَلَمَةُ! أَتُرَاكَ كُنتَ فَاعِلًا؟ قُلتُ: نَعَم وَالَّذِي أَكرَمَكَ. قَالَ: إِنَّهُم الآنَ لَيُقرَونَ فِي أَرضِ غَطَفَانَ. قَالَ فَجَاءَ رَجُلٌ مِن غَطَفَانَ فَقَالَ: نَحَرَ لَهُم فُلَانٌ جَزُورًا، فَلَمَّا كَشَفُوا جِلدَهَا رَأَوا غُبَارًا فَقَالُوا: أَتَاكُم القَومُ، فَخَرَجُوا هَارِبِينَ فَلَمَّا أَصبَحنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- كَانَ خَيرَ فُرسَانِنَا اليَومَ أَبُو قَتَادَةَ، وَخَيرَ رَجَّالَتِنَا سَلَم. قَالَ: ثُمَّ أَعطَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- سَهمَينِ: سَهمَ الفَارِسِ، وَسَهمَ الرَّاجِلِ، فَجَمَعَهُمَا لِي جَمِيعًا، ثُمَّ أَردَفَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَرَاءَهُ عَلَى العَضبَاءِ رَاجِعِينَ إِلَى المَدِينَةِ قَالَ: فَبَينَا نَحنُ نَسِيرُ، قَالَ: وَكَانَ رَجُلٌ مِن الأَنصَارِ لَا يُسبَقُ شَدًّا، قَالَ: فَجَعَلَ يَقُولُ: أَلَا مُسَابِقٌ إِلَى المَدِينَةِ؟ هَل مِن مُسَابِقٍ؟

ــ

وقوله: (أعطاني سهمين: سهم الفارس، وسهم الرَّاجل)؛ أما سهم الرَّاجل فهو حقُّه، وأما سهم الفارس فإنما أعطاه النبي -صلى الله عليه وسلم- إيَّاه لشدَّة غنائه، ولأنه هو الذي استنقذ تلك الغنائم، وهو الذي تنزل منزلة الجيش فيما فعل، ولم يُسمع بمن فعل مثل فعله في تلك الغزاة، ثم لعل النبي -صلى الله عليه وسلم- إنما أعطاه سهم الفارس من الخمس، فإن كان أعطاه من الغنيمة فذلك خصوص به لخصوص فِعله.

وقوله: (ألا مسابقَ؟ ) ألا مسابق: قيدناه مفتوحًا بغير تنوين؛ لأنها (لا) التي للنفي والتبرئة، زيدت عليها همزة الاستفهام، وأشربت معنى التمني؛ كما قالوا: ألا سيفَ صارما؟ ألا ماءَ باردا؟ بغير تنوين على ما حكاه سيبويه، وأنشد:

ألا طِعَانَ، ألا فُرسانَ عادِيَة ... ألا تجشُّؤُكُم عِندَ التَّنانِيرِ (١)


(١) البيت لحسان. انظر: ديوانه (١/ ٢١٥)، وخزانة الأدب (٤/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>