والمفعول والتعجب والمضاف. وكان لأبي الأسود في ذلك فضل السبق وشرف التقدم. ثم وصل ما أصَّلوه من ذلك التَّالون لهم، والآخذون عنهم؛ فكان لكل واحد منهم من الفضل بحسب ما بسط من القول، ومدَّ من القياس، وفتَق من المعاني، وأوضح من الدلائل، وبيَّن من العلل.
ولم تزل الأئمة من الصحابة الراشدين ومَن تلاهم من التابعين، يحضُّون على تعلُّم العربية وحفظها، والرعاية لمعانيها؛ إذ هي من الدين بالمكان المعلوم، فبها أنزل الله كتابه المهيمن على سائر كتبه، وبها بلَّغ رسولُه -عليه السلام- وظائفَ طاعته، وشرائع أمره ونهيه.
وكذلك كانوا يحضُّون على رواية الشعر الذي هو حكمة العرب في جاهليَّتها وإسلامها، وديوانها الذي أقامته مقام الكتاب لما تقدَّم من مآثرها وأيامها، فكانوا يتناشدونه في مجالسهم، ويتذاكرونه عند محافلهم.
ومصداق ذلك ما حدثنا به قاسمُ بن أَصْبَغَ، قال: حدثنا عبد الله بن رَوْحٍ قال: قال المدائنيُّ: حدثنا شَبَابةُ بن سَوَّارٍ قال: حدثنا شعبةُ، عن عاصمٍ، عن أبي عثمان النَّهديِّ؛ سمعته يقول: إن كتاب عمر بن الخطاب أتاهم وهم بأَذْرَبِيجان يأمرهم بأشياء، وذكر فيه:(تعلَّموا العربية).