الاجتهاد، فلم يزل على ذلك إلى أن أدركته وفاته، ونعوذ بالله من الحور بعد الكور.
[٢٨٥ - ابن عثمان الأصم]
هو أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عثمان بن أبي إسماعيل الأسدي الأطروش، كان نحويًّا لغويًّا، فصيح اللسان، شاعرًا مجودًا، وأكثر أشعاره على مذاهب العرب، وله أراجيز فصيحة، وكان أصم أصلخ، فإذا أحب المرء إخباره كتب له في الهواء، أو رمز له بشفتيه، فيفهم ويكتفي بذلك منه، وكانت له رحلة سنة أربع وثلاثمئة لقي فيها أبا الخضيب الفارسي المكي النحوي، ولقي الخيزراني.
وتوفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة.
[٢٨٦ - إدريس بن ميثم]
كان نحويًّا دقيق النظر، بصيرًا بحد المنطق، كثير المطالعة لكتب الأوائل، حاذقًا بعلم الحساب والتنجيم، وكان شاعرًا مجودًا، وكان مع ذلك ثقيلًا عند المفاوضة، ولا يدل ظاهره على كثير علم، فإذا فوتح في أكثر الفنون برز واستبان فضله، وكان يرمى بالخروج عن الملة، وكان أصله من كورة إشبيلية، فرحل إلى قرطبة، ورأس على منتحلي الكلام فيها، وله قصائد تدل على علمه، وتنبئ عن جودة طبعه، وتأتِّي الكلام له، منها قصيدته التي أولها:
في طُروقِ الخيالِ نحو الملمّ ... بُلغةٌ من وِصالِ مَن لا أُسمِّي