وجوبها أيضًا:(بقاء المال): فلا تسقط بتلفه: فرَّط أو لم يُفرِّط كدين الآدميين (٣٣)،
يتمكَّن هؤلاء من أدائهما في الحال فكذلك الزكاة تجب وإن لم يتمكَّن المالك من أدائها والجامع: عدم التمكن من الأداء لعذر في كل، فإن قلتَ: لمَ لا يُشترط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الزكاة حق للفقير من هذا المال، فلا يسقط هذا الحق بسبب عدم التمكن من الأداء.
(٣٣) مسألة: لا يُشترط في وجوب الزكاة: بقاء المال على حاله: ولذا: لو تلف مال بالغ للنصاب تام الحول باحتراق أو نحوه: لوجبت الزكاة فيه: سواء كان صاحب المال فرَّط أو لا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن دين الآدمي يجب الوفاء به: سواء تلف مال المدين أو لا، فرَّط أو لا فكذلك الزكاة إذا وجبت يجب إخراجها: سواء تلف المال المزكَّى أو لا، فرَّط أو لا، والجامع: انشغال الذِّمة بذلك في الكل، فلا تبرأ إلا بالأداء، أو الإبراء، فإن قلتَ: لمَ لا يُشترط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إنه عين تلزمه مؤنة تسليمه إلى مستحقه، فيضمنه له، وهذا يستوي فيه المفرِّط وغيره؛ لاحتمال ادِّعاء بعضهم عدم التفريط في تلف هذا المال فيضيع حق الفقير فيتضرَّر لا سيما إذا عرفنا أن الزكاة تجب وجوبًا موسَّعًا، وتسقط عند العجز عنها، فتُقدِّم هنا حق الفقير ومراعاته فإن قلتَ: إن لم يفرط المالك فتلف المال المزكَّى: فإن لا يضمن تلك الزكاة بل تسقط عنه، وهو قول أبي الفرج ابن قدامة وتبعه ابن عثيمين؛ للمصلحة؛ حيث إن المالك يتضرر إذا ضمن ما تلف بسبب غيره قلتُ: إن هذا فيه فتح لباب ادعاء بعض المالكين عدم التفريط، فيضيع حق الفقير، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحة مع القياس" فعندنا: يُعمل بالقياس؛ مراعاة لحق الفقير، وعندهم يُعمل بالمصلحة مراعاة لحق الغني.