الفرار من الزكاة لم تسقط؛ لأنه قصد به إسقاط حقِّ غيره فلم تسقط كالمطلِّق في مرض موته (٢٦)، فإن ادَّعى عدم الفرار وثمَّ قرينة: عُمل بها، وإلا: فقوله (٢٧)(وإن
كون المبدل والبدل، والمباع والمشترى من جنس واحد يلزم منه: عدم انقطاع الحول، فإن قلتَ: لمَ لا ينقطع الحول هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه منع لتحايل بعض التجار من التخلُّص من الزكاة، وحرمان الفقراء منها.
(٢٦) مسألة: إن كان عند شخص نصاب من الغنم - كأربعين - فأبدل خمسًا منها ببقرة، أو باع واحدة منها أو نحو ذلك قبل تمام الحول عليها قاصدًا بذلك إنقاص النصاب؛ للفرار من تزكية الأربعين شاة: فإن الزكاة لا تسقط عنه، بل تجب عليه؛ للقياس، بيانه: كما أن الذي يُطلِّق امرأته في مرض موته قاصدًا حرمانها من الميراث: فإنها لا تطلق، بل ترثه من جملة الورثة، فكذلك من قصد الفرار من الزكاة هنا مثله والجامع: أن كلًا منهما قصد إسقاط حق غيره، فيُعامل بنقيض قصده، وهي "قاعدة شرعية"، فإن قلتَ: لمَ لا تسقط الزكاة هنا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث ذلك فيه حماية الفقراء من أن يُسلبوا حقهم.
(٢٧) مسألة: إذا أبدل خمسًا من "أربعين شاة" ببقرة، أو باع واحدة منها قبل تمام الحول، وادَّعى "أنه فعل ذلك للحاجة، لا للفرار من الزكاة": فإنه يُقبل قوله، وينقطع الحول، فلا تجب عليه الزكاة بشرط: عدم وجود قرينة تدلُّ على كذبه، أما إن وُجدت قرينة تدلُّ على كذبه في ذلك: فإن الحول لا ينقطع، وتجب زكاة الأربعين - بإخراج شاة واحدة - فتؤخذ منه وإن لم يرض؛ للتلازم؛ حيث إن الأصل في المسلم الصدق، فيلزم أن نُصدِّقه فيما ادَّعاه إذا لم تدل قرينة على كذبه تصرفنا عن هذا الأصل، ويلزم من وجود قرينة على كذبه: أن نردَّ قوله، ونأخذ الزكاة؛ لمعاملته بنقيض قصده، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية للفقراء من التحايل على سلب حقوقهم.