ودين حج، وغيره؛ لأنَّه يجب قضاؤه أشبه دين الآدمي، ولقوله ﷺ:"دين الله أحقُّ بالوفاء"(٢١) ومتى برئ: ابتدأ حولًا (٢٢) (وإن ملك نصابًا صغارًا: انعقد حوله حين
فدفعًا لذلك: سقطت الزكاة عن من عليه دين، فإن قلتَ: إن الأموال الظاهرة - كالحبوب والثمار والمواشي - لا يمنع الدَّين من وجوب الزكاة فيها، وهو قول مالك والشافعي؛ للمصلحة؛ حيث إن ظهور هذه الأموال يلزم منه: تعلُّق قلوب ونفوس الفقراء بها، فإذا لم يُعطوا منها فإن نفوسهم تنكسر، فمنعًا لذلك وجب إخراجها من تلك الأموال الظاهرة قلتُ: إن الدَّين مانع من زكاة الأموال الظاهرة والباطنة؛ لعموم السنة القولية وقول الصحابي، والمصلحة التي ذكرناها، ولا تقوى المصلحة التي ذكروها على معارضة ذلك، لكون سداد الدَّين واجب يُعاقب إذا لم يُسدِّده، بخلاف انكسار قلوب الفقراء لا يُعاقب عليه فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض المصلحة مع السنة القولية" فعندنا: يُعمل بعموم السنة ولا تقوى المصلحة على تخصيص ذلك، وعندهم: يخصَّص ذلك العموم بالمصلحة.
(٢١) مسألة: إذا وجبت على مسلم كفارة جماع في نهار رمضان، أو كفارة قتل، أو كفارة ظهار من إطعام، أو عتق، أو نذر أن يتصدَّق، أو يحج، أو نحو ذلك: فإن هذا كله دين يمنع من وجوب الزكاة؛ للقياس، بيانه: كما أن دين الآدمي يمنع من وجوب الزكاة - كما سبق في مسألة (٢٠) - فكذلك تلك الأمور مثله والجامع: أن كلًا منهما يُسمَّى دينًا انشغلت الذِّمَّة به فيجب قضاؤه، بل إن هذه الأمور أولى بالقضاء؛ لكونها ديون الله كما قال ﷺ:"فدين الله أحقُّ بالقضاء" فيكون قياسًا أولى، وهذا هو المقصد الشرعي منه، وقد سبق.
(٢٢) مسألة: إذا قضى المسلم ما عليه دين الله من دين الآدميين: فإن ذمته تبرأ، وحينئذٍ يبدأ بحول جديد فيما يملك من الأموال، ولا يبني على ما سبق؛ =