(٢٠) مسألة: الدَّين مانع من وجوب الزكاة بشرط: أن يُنقص هذا الدَّين النِّصاب، فمثلًا: لو ملكتَ مائة شاة، وعليك دين يُعادل مقدار واحدة وستين من الشياه: فلا زكاة عليك؛ لكون الباقي تسعًا وثلاثين، وهو أقل من النصاب؛ وكذا: يُقال في جميع الأموال التي تُزكى، لكن إذا كان عليه دين لا يُنقص النِّصاب: فلا يمنع ذلك الدين الزكاة، فمثلًا: لو كنت تملك مائة من الغنم، وعليك دين يُقدَّر بستين منها: فتجب زكاة الباقي، وهي الأربعون؛ لبلوغها النصاب، وهذا مطلق، أي أن الدَّين مانع من الزكاة سواء كانت الأموال باطنة - وهي: الأثمان وعروض التجارة - أو ظاهرة - وهي: المواشي والحبوب والثمار - وسواء كان الدَّين حالًا أو مؤجَّلًا، وسواء كان الدَّين من جنس المال الذي عنده أو ليس من جنسه؛ لقاعدتين: الأولى: السنة القولية؛ حيث قال ﷺ:"لا صدقة إلا عن ظهر غِنى" فنفى الصدقة - وهي: الزكاة - عن غير غِنَى - وهو: الفقير - ومن عليه دين فقير وزيادة؛ لكون حاجته لقضاء دينه أشدَّ من حاجة الفقير، وأثبت هنا الصدقة بسبب الغنى - وهو: بلوغ المال النصاب -؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات، وهذا عام؛ لأن لفظ "صدقة" نكرة في سياق نفي، وهو: من صيغ العموم، فيشمل الدَّين المعجَّل والمؤجَّل، والدَّين الذي هو من جنس ما عندك أو غيره، ويشمل الأموال الظاهرة والباطنة، الثانية: قول الصحابي؛ حيث إن عثمان ﵁ قال في خطبة له:"هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤدِّه حتى تُخرجوا زكاة أموالكم" ويلزم من ذلك: أنه لا زكاة إلا بعد قضاء الدَّين وهو عام لما ذكرنا، فإن قلتَ: لم كان الدَّين مانعًا من وجوب الزكاة؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن المقصد من الزكاة هو: مواساة الفقراء، والشكر على نعمة الغِنَى، فلو كُلِّف بإخراج زكاة ما عنده وهو: مدين دينًا يُنقص النصاب: لشق عليه ذلك؛ لكونه أحوج إلى هذا المال ليُسدِّد به دينه، =