مجنون؛ لعموم الأخبار، وأقوال الصحابة، فإن نقص عنه: فلا زكاة، (٧) إلا
وُلد من جديد، لم يصدر منه أيُّ معصية لله تعالى أصلًا، وهذا يلزم منه عدم قضاء ما تركه من واجبات الإسلام ومنها الزكاة الثالثة: السنة التقريرية؛ حيث إنه ﷺ قد أسلم على يديه الجم الغفير من الكفار، فلم يأمر أحدًا منهم بأن يقضي ما فاته من زكاة وغيرها من العبادات، ولم يُبيِّن إيجاب ذلك، فدل على عدم وجوبها عليهم إذا أسلموا؛ لأنَّه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فإن قلتَ: لمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه تيسير وتحبيب الإسلام في نفوس من أراد الدخول فيه؛ إذ لو وجب على كل شخص دخل في الإسلام دفع زكاة السنوات الماضية: لتراجع عن الإسلام، ونفر غيره، لكن إذا علم أنه ساقط عنه كل شيء عمله في كفره إذا أسلم: فإنه سيُقدم عليه، وقد بينت ذلك في كتابي:"الإلمام" في مسألة تكليف الكفار بفروع الإسلام".
(٧) مسألة: في الثالث - من شروط وجوب الزكاة - وهو: أن يكون المال الذي يملكه المسلم الحر قد بلغ نصابًا - وهو: ما نصبه الشارع علامة على وجود الغنى من بهيمة الأنعام، والأثمان، وما خرج من الأرض من الزروع والحبوب، وعروض التجارة وغيرها وسيأتي بيان نصاب كل واحد منها - فمن لم يملك نصابًا، أو ملك دون النصاب: فلا زكاة عليه؛ للسنة القولية؛ حيث قال ﷺ: "ليس فيما دون خمس أواق صدقة" وقال: "ليس في أقل من عشرين مثقالًا من الذهب صدقة" وقال: "في خمس من الإبل صدقة" وقال: "في أربعين شاة شاة" ونحو ذلك مما سيأتي حيث دلَّ منطوقها على وجوبها فيما بلغ النصاب، ودل مفهوم العدد منها على عدم وجوبها فيما نقص من ذلك، فإن قلتَ: لمَ اشتُرط ذلك؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن الزكاة مواساة للفقراء ونحوهم، وما دون النصاب لا يحتمل المواساة؛ لكونه لو دفع من مال لم يبلغ النصاب لأصبح =