للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وكذا: يمين عقدها يظن صدق نفسه، فبان بخلافه فلا كفارة في الجميع)؛ لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ وهذا منه (٦)، ولا تنعقد أيضًا من نائم،

(٦) مسألة: في الأول - من شروط وجوب الكفارة إذا حلف بالله تعالى -: وهو: أن تكون اليمين منعقدة وهي: أن يحلف بالله على أمر في المستقبل أن يفعله، وهو قاصد له، ويمكن فيه السير، ويمكن فيه الحنث، وهو لا يعلم بذلك حين الحلف، وأخرج ذلك ثلاثة أيمان: أولها: أن يحلف على أمر ماض، وهو كاذب فيه عالم بكذبه ذلك: فهذه اليمين الغموس وهي محرمة، ثانيها: أن يحلف وهو لم يقصد، بل جرى على لسانه، وهذا يُسمَّى لغو اليمين كأن يقول أثناء كلامه: "لا والله" أو "بلى والله" ثالثها: أن يحلف ظانًا صدق نفسه، فبان بخلاف ذلك كأن يحلف زيد على عمرو يظن أن عمرًا سيطيعه فلم يفعل عمرو، أو ظن عمرو خلاف قصد ونية زيد الحالف وهذا من اللغو في اليمين، فهذه الثلاثة: لا كفارة فيها؛ لقاعدتين: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ﴾ فأوجب الكفارة في اليمين المنعقدة فقط، دون غيرها، ونفى الشارع الكفارة على اليمين اللغو، الثانية: السنة التقريرية؛ حيث قال ابن مسعود: "كنا نعد اليمين التي لا كفارة فيها: اليمين الغموس، الثالثة: قول الصحابي؛ حيث إن عائشة قد، بيّنت اليمين اللغو في قولها: "اللغو في اليمين كلام الرجل في بيته: لا والله، وبلى والله"، فإن قلت: لَمِ وجبت الكفارة في اليمين المنعقدة؟ قلتُ: للمصلحة؛ لكون المقصود بها الحث والمنع، ولأن اللغو في اليمين يتكرر بين ألسنة الناس فلو وجبت الكفارة على ذلك: لشقّ على الناس، ولأن اليمين الغموس أعظم من أن تُكفَّر، وهي من الكبائر لذلك سميت بهذا الاسم؛ لكونها تغمس صاحبها في الإثم، ثم في النار، وهذا لأنه حلف علمه بأنه كاذب، وهذا أراد مخالفة الشارع، وأخذ حقوق الآخرين بقصد منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>