للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي: أخذ قيمة النفقة؛ لأن ذلك معاوضة، فلا يُجبر عليه من امتنع منهما، ولا يملك الحاكم فرض غير الواجب -كدراهم- إلا بتراضيهما (فإن اتفقا عليه) أي: على أخذ القيمة (أو) اتفقا (على تأخيرها، أو تعجيلها مدَّة طويلة، أو قليلة: جاز)؛ لأن الحق لا يعدوهما (٢٥) (ولها الكسوة كل عام مرَّة في أوله) أي: أول العام من زمن الوجوب؛ لأنه أول وقت الحاجة إلى الكسوة، فيعطيها كسوة السنة؛ لأنه لا يمكن ترديد الكسوة شيئًا فشيئًا، بل هو شيء واحد يُستدام إلى أن يبلى، وكذا: غطاء، ووطاء، وستارة يُحتاج إليها، واختار ابن نصر الله: أنها كماعون الدار، ومشط تجب

= إلى العرف في ذلك، والناس تعارفوا واعتادوا أن ينفقوا على أهليهم الخبز والأدم، دون الحب، فإن قلت: الواجب دفع الحب، وهو قول الشافعي؛ للقياس؛ بيانه: كما أن الواجب في الإطعام في الكفارة الحب فكذلك الحال هنا، والجامع: أنه طعام في كل، قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الإطعام في الكفارة حق الله تعالى، وليس هو لآدمي معيَّن، فيرضى بالعِوَض عنه، ثم إن الحب يحتاج إلى طَحن وخَبْز، فمتى احتاج إلى تكلُّف ذلك من مالها: لم تحصل الكفاية بنفقتها، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع الكتاب، والعرف والعادة".

(٢٥) مسألة: إذا اتفق المنفِق، أو المنفَق عليها: على أخذ قيمة النفقة -دون الخبز والأُدم-، أو اتفقا على تأخير النفقة، أو تقديمها عن وقتها: أو اتفقا على أخذ الحب، أو دقيقًا -عن الخبز والأدم-: فإن هذا يصح، أما إن امتنع أحدهما، أو كلاهما عن ذلك: فلا يصح إلا ما ذكرناه في مسألتي (٢٣ و ٢٤): ولا يملك الحاكم فرض غير الواجب عليهما، أو على أحدهما؛ للتلازم؛ حيث يلزم من اتفاقهما على تلك الأمور: صحتها؛ لأن الحق لا يتعدَّاهما، وما دام حصل التراضي منهما: فلا مانع من صحته، ويلزم من عدم اتفاقهما عليها: عدم صحتها؛ لكون ذلك معاوضة، فلا يُجبر عليه من امتنع منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>