والكسوة والسكنى (إن كانت حاملًا): لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ (١٢)، ومن أنفق يظنها حاملًا فبانت حائلًا رجع، ومن
= فينفق عليها حتى تضع، وإذا كانت حائلًا تحيض فينفق عليها حتى تنتهي من ثلاث حيض، وإذا كانت لا تحيض: فينفق عليها حتى تنتهي ثلاثة أشهر؛ للقياس؛ بيانه: كما تجب نفقة الزوجة على الزوج -كما سبق في مسألة (٢) - فكذلك تجب عليه نفقة المطلقة منه طلاقًا رجعيًا، والجامع: أن كلًّا منهما تعتبر زوجة، يؤيده أمران: أولهما قوله تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ فسمَّى المطلق بعلًا -وهو الزوج- فكانت هي زوجة قبل انقضاء عدتها، ثانيهما: أن المطلقة طلاقًا رجعيًا يلحقها طلاق الزوج لها مرة أخرى، ويلحقها ظهاره، وإيلاؤه، فتكون كأنها زوجة حقيقية لم يسبق طلاقها. تنبيه: قد سبق بيان أن المطلقة طلاقًا رجعيًا لا قسم لها، أي ليس لها الحق في أن يجعل الزوج لها ليلة كبقية نسائه كما سبق تفصيله.
(١٢) مسألة: إذا طلَّق زوج زوجته طلاقًا بائنًا -بأن طلَّقها ثلاثًا، أو طلَّقها على عوض، وهو الخلع -أو بفسخ كما سبق- وكانت تلك الزوجة المطلقة حاملًا: فيجب على الزوج المطلِّق أن ينفق عليها: من طعام، وكسوة، وسكن، وذلك مدَّة حملها، أما إن كانت حائلًا: فلا يجب على الزوج المطلِّق أن يُنفق عليها: من طعام، ولا كسوة، ولا سكن؛ لقواعد: الأولى: الكتاب؛ حيث قال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ﴾ وهذا عام لجميع المطلقات الحوامل؛ لأن "أولات" اسم موصول، وهو من صيغ العموم، فأوجب الشارع الإنفاق عليهن؛ لأن "أنفقوا" أمر مطلق، وهو يقتضي الوجوب، ودل مفهوم الغاية على أن المطلقة إذا وضعت حملها: فلا نفقة لها، الثانية: السنة القولية؛ حيث قال ﵇ -لفاطمة بنت قيس لما طلقها زوجها ثلاثًا-: "ليس لكِ عليه نفقة ولا سكنى" وهذا صريح في نفي وجوب النفقة: من طعام، وسكنى، وكسوة =