للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يخرجها وله منصرف غير المزارع فتركها: فهدر (٦٩) (وإن كانت) البهيمة (بيد راكب، أو قائد، أو سائق: ضمن جنايتها بمقدَّمها) كيدها وفمها (لا) ما جنت (بمؤخرها) كرجلها؛ لما روى أبو سعيد مرفوعًا: "الرِّجل جبار"، وفي رواية أبي هريرة: "رِجْل العجماء جبار" (٧٠)، ولو كان السبب من غيرهم كنخس وتنفير: ضمن

عليها، ويأخذ قيمة ما أتلفته من مالكها؛ لكونه ليس له إلّا هذا فلجأ إليه ضرورة عدم جواز غير هذا الطريق، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حفظ بهيمة زيد وحفظ مزارع الآخرين من الإتلاف.

(٦٩) مسألة: إذا دخلت بهيمة زيد على زرع عمرو، وكان عمرو يستطيع إخراج تلك البهيمة إلى مكان خال من مزارع الآخرين، ولكن عمرو لم يفعل ذلك، بل جعلها تأكل من مزرعته: فلا ضمان لما أتلفته أو أكلته، وهو هدر لا يُرغم مالكها -وهو زيد- على دفع قيمته للقياس؛ بيانه: كما أن زيدًا لو حمل حَطَبًا على رأسه أو على دابته فخرق ذلك الحطب ثوب بصير مكلف يجد منحرفًا في الطريق: فإنه -أي: زيد- لا يضمن ذلك المتلف -وهو الثوب- فكذلك الحال هنا والجامع: أن كلًّا من عمرو، وذلك المكلَّف البصير فرَّطا في عدم التصرف وإبعاد البهيمة، أو الابتعاد عن الحطب مع قدرتهما على ذلك، فلا يتحمَّل زيد ما فرَّطا فيه.

(٧٠) مسألة: إذا ركب فوق البهيمة صاحبها، أو مستأجرها، أو مستعيرها، أو كان يقودها، أو يسوقها، وأتلفت تلك البهيمة شيئًا: فإن هذا الراكب، أو السائق، أو القائد يضمن ما أتلفته بيديها، وفمها فقط، ولا يضمن ما أتلفته بمؤخرها كرجليها؛ للعادة والعرف: حيث يلزم من قدرته عادة على التصرُّف في مقدمها -كيديها وفمها-: أن يضمن ما تلف بسببه؛ لكونه يملك حفظ ذلك غالبًا، ويلزم من عدم قدرته عادة على التصرُّف في مؤخرها -كرجليها-: أن لا يضمن ما تلف بسببه؛ لكونه لا يملك حفظ رجليها عن الجناية غالبًا، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ =

<<  <  ج: ص:  >  >>