عادة) فيضمن مرسلها؛ لتفريطه (٦٥)، وإذا طرد دابة من زرعه: لم يضمن (٦٦)؛ إلا أن يدخلها مزرعة غيره (٦٧)، فإذا اتصلت المزارع: صبر؛ ليرجع على ربها (٦٨)، ولو قدر
بالسنة القولية، والمصلحة، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع السنة القولية والمصلحة" كما سبق بيانه.
(٦٥) مسألة: إذا أرسل زيد بهيمته بقرب زرع عمرو أو شجره أو أي شيء له، فأتلفته: فإن زيدًا يضمن ذلك كله مطلقًا، أي: سواء كان ذلك ليلًا أو نهارًا؛ للقياس؛ بيانه: كما أن زيدًا لو بنى جدارًا مائلًا فسقط فأتلف حقًا من حقوق الغير: فإنه يضمن مطلقًا، فكذلك الحال هنا والجامع: أن كلًّا منهما قد فرَّط وتسبَّب في إيذاء الآخرين، وأنه قاصد لذلك، فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية الناس وحقوقهم من الاعتداء عليها، وحفظها لهم.
(٦٦) مسألة: إذا دخلت بهيمة زيد على زرع عمرو، ثم طردها عمرو من زرعه فقط: فإن عمرًا لا يضمن فيما لو أتلفت تلك البهيمة زرع غيره؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم اعتدائه وعدم قصده طردها إلى زرع الآخرين: عدم ضمانه لما أتلفته؛ لكون ذلك ليس من فعله. فإن قلتَ: لِمَ شُرع هذا؟ قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حماية لحق عمرو.
(٦٧) مسألة إذا دخلت بهيمة زيد على زرع عمرو، ثم طردها عمرو وأدخلها مزرعة بكر: فإن عمرًا يضمن ما أتلفته تلك البهيمة من مزرعة بكر؛ للتلازم؛ حيث يلزم من تسبُّبه في هذا الإتلاف: ضمانه، والمقصد من هذا حماية حق بكر.
(٦٨) مسألة: إذا دخلت بهيمة زيد على زرع عمرو، ولم يستطع عمرو طردها من مزرعته؛ نظرًا لاتصال المزارع بعضها ببعض: فإنه -أي: عمرو- يصبر عليها، وما أتلفته أو أكلته يرجع به إلى مالكها -وهو زيد- ويأخذ قيمته منه؛ للتلازم؛ حيث يلزم من عدم إمكانه لمنعها إلّا بإدخالها إلى مزارع الآخرين: أن يصبر =