للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

قلتُ: للمصلحة؛ حيث إن ذلك فيه حفظ حقوق المارَّة بأن يحفظ كل إنسان بهيمته من الاعتداء على الآخرين، وفيه حفظ حقوق الراكبين، وقيادة بهائمهم في الأسواق والممرات بدون ضمان ما أتلفته بمؤخرتها. تنبيه: ما ذكره المصنف مما روي عنه أنه قال: "الرجل جبار" أو "رجل العجماء جبار" لا يصح الاستدلال به؛ لضعفه كما قال كثير من أئمة الحديث؛ والصحيح: "العجماء جبار"، وهو لا يصلح شاهدًا لما نحن فيه، فإن قلتَ: إن راكب تلك البهيمة، أو سائقها ونحوهما أو قائدها يضمن ما أتلفته في مقدمها وفي مؤخرها، وهو رواية عن أحمد، وشريح، والشافعي؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه يضمن ما أتلفته بهيمته بمقدمها فكذلك يضمن ما أتلفته بمؤخرها، والجامع: أن كلًّا منهما جناية بهيمة كانت يده عليها، قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق؛ لأن الراكب أو السائق، أو القائد يستطيع التصرُّف بمقدمها ولا يستطيع التصرُّف بمؤخرها على حسب العادة والعرف فيكون الضمان وعدمه على حسب ذلك. ومع هذا الفرق فلا قياس، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع العرف والعادة" كما سبق بيانه فإن قلتَ: إن راكب تلك البهيمة، أو قائدها، أو سائقها لا يضمن ما أتلفته في مقدمها كما في مؤخرها وهو قول مالك؛ للقياس؛ بيانه: كما أنه لا يضمن من لم تكن يده عليها فكذلك لا يضمن من كانت يده عليها، والجامع: أنه في كل منهما جناية بهيمة، فلا يُسأل عما تفعل. قلتُ: هذا فاسد؛ لأنه قياس مع النص؛ حيث إن السنة القولية قد ثبت فيها أنه يضمن صاحب البهيمة ما أتلفته في الليل فقط وإن لم تكن يد صاحبها عليها -كما سبق في مسألة (٦٤)، أما ما أتلفته في النهار بمقدمها ويده عليها: فيضمن؛ لقدرته على منعها- كما سبق في هذه المسألة، فإن قلتَ: ما سبب الخلاف هنا؟ قلتُ: سببه: "تعارض القياس مع السنة القولية، والتلازم" كما سبق ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>